هل يحق لي أن أقول لكم إنني "تعبت" من دعوتي لكم بالتفاؤل في مطلع كل عام؟ وهل يحق لكم أن تقولوا لي "مللنا" من تفاؤلك السنوي الذي يعدنا بما لم تأت به الأيام؟ كنت أقول لكم تمسكوا بالأمل لأن الله أمد في أعمارنا عاماً آخر فقد يكون فيه الخير والبركة وتحقيق الأماني.. وتمسكوا بالأمل لأن ميزانية الدولة تسجل تزايداً غير مسبوق عاماً بعد عام فقد يكون فيها تحقيق المراد، وتطوير الموجود، وإقرار النواقص، وتنفيذ المتعثر.. وتمسكوا بالأمل لأن قطار الإصلاح مستمر في شحن وقوده والسعي نحو محطاته الميمونة فقد يكون فيه تصحيح ما يعكر صفو حياتكم، وتصحيح ما يعرقل معيشتكم الكريمة، ويقوّم السبل التي تضيّع عليكم سرعة التمتع بثمرات وخيرات أراضينا المباركة. وكنت أقول لكم تمسكوا بالأمل - حتى على الصعيد الشخصي - لأن رحمة الله أكبر وأوسع من كل ذنوبكم، ومن كل مشاكلكم، ومن كل طاقاتكم، ومن كل أحلامكم. وأنتم كنتم تنكرون عليّ تفاؤلي هذا، ودعوتي المفتوحة هذه، ملولين ومتعللين بأن الأيام تمضي والحال هي الحال، والدنيا هي هي، وأحمال النفوس وأثقال الحياة في تزايد يصيب بالكآبة ويرمي بالقنوط. وخلاصة الكلام : إجابة عن سؤالي الافتتاحي الذي أسألكم فيه عن حقي في إعلان تعبي على دعوتكم للتفاؤل في مطلع كل عام.. أقول رداً على نفسي : "لا.. وألف لا"! لا يحق لي أن أتعب من دعوة التفاؤل التي أوجهها إلى أهلي وأحبتي ومواطني بلدي، وبلاد العالم الإسلامي قاطبة، لا الآن .. ولا غداً. كما أقول إنه لا يحق لأي منكم، ولا لأي بشر، أن يقتل التفاؤل الذي أنبته الله فطرياً في نفوس عباده، وتعهده دين الله بالعناية والرعاية حتى نما واستقام في النفوس . ليس من حقك أخي.. أختي.. أن تجعل الإحباط والتشاؤم والقنوط ينال منك ، أو يطفئ جذوة الأمل في داخلك ، لأن الأمل هو العمود الفقري للحياة الحقة. بل تفاءل.. ودع المخلصين من عباد الله يقومون بمهماتهم التي سيسألون عنها يوم القيامة.. وقم بما عليك من عمل بضمير حي صالح وبشكل دؤوب متقن - كلٌ في مجاله - وتمسك بالدعاء الصادق.. ثم اترك المقادير تمشي بما أذن الله لها. فوالله لن ييأس مسلم أو يقنط، طالما هو يقرأ ويسمع قوله تعالى (إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف 87، وإلى قوله (قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضّالُّونَ) الحجر 56 .