أكّد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للوزراء والمسؤولين مرة اخرى عبارته الشهيرة عند إصدار الميزانية والتي يقول فيها "لا عذر لكم بعد اليوم في تقصير أوتهاون أوإهمال، واعلموا بأنكم مسؤولون أمام الله - جل جلاله - ثم أمامنا عن أي تقصير يضر بإستراتيجية الدولة، وعلى كل وزير ومسؤول أن يظهر من خلال الإعلام ليشرح ما يخص قطاعه بشكل مفصل ودقيق". الترجمة البسيطة والدقيقة لهذه العبارة أن كل مسؤول محاسب أمام الله يوم القيامة ثم أمام خادم الحرمين الشريفين مؤسسياً وعبر القنوات الرقابية للدولة وأخيرا محاسب أمام المواطنين إعلاميا. فماذا فعل هذا المسؤول إعلاميا قبل إعلان الميزانية من شرح لما تم إنجازه، وماذا قدم من مشاريع تستوجب التخصيص لوزارته من المصروفات العامة؟ وما هي البرامج المعلوماتية والإعلامية التي تعمل عليها أجهزة الدولة لإمداد وسائل الإعلام المحلية حتى تصبح الصورة واضحة أمام المواطن؟ بل ما هي برامج وزارة الثقافة والإعلام ومؤسساتها ووسائلها التي ستجسد تلك المحاسبة الإعلامية للمسؤولين أمام المواطنين؟ وقبل هذا وذاك لماذا أكد خادم الحرمين الشريفين ضرورة الظهور الإعلامي للمسؤول ليشرح للناس وليس ليظهر بشخصية الخارق العبقري وإنما نريده بشخصية الإنسان "منا وفينا"، يخطئ ويصيب، بمعنى يعطي كل مواطن حقه من المعلومات وبعيدا عن الطبقية الثقافية والاقتصادية ومثيلاتها التي تحرم المواطن البسيط من حقه المعرفي. ولكن ماذا لو لم يخرج المسؤول إعلاميا كما تعودنا وربما كما نتوقع؟ ببساطة شديدة الفراغ المعلوماتي الذي سيتركه سيكون مكان جذب للشائعة والنكتة والتأويل والتقول، وربما التجني أوالاتهام في الذمم. فالفراغ المعلوماتي تتم تعبئته على طريقة"من سبق لبق". والعرب تقول دوما "من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه"، فالكرسي أحيانا يصيب صاحبه بشيء من غشاوة أو عمى وقتي لا يكتشفه إلا عندما يصبح في العراء الإعلامي والاجتماعي. كما أن التعالي وربما الاستخفاف برؤية الناس قد يقود المسؤول إلى سقوط في هاوية التجني. والأمثلة كثر والتاريخ يعيد نفسه. وهنا خادم الحرمين الشريفين يعطي الضوء الأخضر لكل مسؤول ليقول كلمته وفق قواعد المسؤولية المطلوبة منه. فالبرامج هي المفتاح الذي نريد أن نعرف من خلالها ونتحاسب على اساسها، وأن لا نترك الباب مفتوحا للشك في الذمة أوالكفاءة، لأن مفتاح هذا الباب سيصبح هو الشك فقط، ومن لم يؤمن بالجزاء أفسد الشك يقينه. ولهذا لم يقتصر توجيه خادم الحرمين الشريفين على المسؤولين فقط وإنما يقع علينا جميعا كمواطنين جانب من مسؤولية الكلمة التي قد تهوي بصاحبها إلى مهالك الزلل، وقد تصيب قوما بجهالة ومنهم من اؤتمن على مصالح الناس. ولذلك يقول خادم الحرمين الشريفين في ذات الكلمة "أطلب منكم جميعاً التعاون، وبذل كل جهد ممكن لمشاركة الدولة، آخذين بعين الاعتبار مصالح الوطن والمواطنين. إن الواجب والأمانة الملقاة على عاتقنا خلال السنوات الماضية جعلتنا ننظر إلى المستقبل ونستشرفه لنوازن بين احتياجات الجيل الحالي، والأجيال المقبلة، والذين هم أمانة في أعناقنا، وذلك بالاستخدام الرشيد للموارد ويجاريه ويسير بمحاذاته تأمين احتياطي كبير". خلاصة القول :تؤسس هذه العبارة لخادم الحرمين الشريفين لبرنامج عمل إعلامي كبير لخدمة المواطنين أرجوالتنبه اليه والعمل به بدلا من ترك المواطن يتلقى الشائعات والنكت المبتذلة وهو من حقه المعلومة الصحيحة التي وجّه بها ولي الامر. ولذا أقول للإعلام الجماهيري ولصحافة المواطن"لا تزدرينا حداً حتى تستنطقه"، وللمسؤول أقول "لا تحدث الناس بما تخاف تكذيبه" إعلاميا. وعام مالي جديد تضاعفت فيه أرقام الاستثمار في خدمة الإنسان السعودي، أتمنى أن يكون عاما يستثمر المواطن فيه حقه في البحث عن المعلومة الصادقة الهادفة من مصادرها الموثوقة وليس من دكاكين المستنقع الرقمي الخفية والمأجورة..