مطالبة خادم الحرمين الشريفين للوزراء، يوم إعلان الميزانية، بالتعامل مع الإعلام وإخبار المواطنين بمعلومات مفصّلة ودقيقة عن ما لدى الوزارات من مشروعات وميزانيات يحمل كثيراً من الدلالات. وكلام المليك واضح، فقد قالها بالنص «دقيق ومفصّل»، وهذا يعني أن الوزراء ليسوا مسؤولين عن تنفيذ المشروعات والإشراف على البرامج فحسب؛ بل مسؤولين أيضاً عن إخبار المواطنين بهذه المشروعات والبرامج بشكل «دقيق ومفصل». والدقة والتفصيل تعنيان الكثير للمواطن الذي ينتظر التنمية والخدمات، ويعاني تأخر المشروعات وتعثّرها، أو تباطؤها. والمواطن الذي لا يعلم؛ لن يكون أمامه إلا الشكوى والتذمّر اللذان قد يؤديان إلى سوء الظنّ في المسؤول، وربما الحكومة، وربما الدولة. وفي النهاية تتحوّل الشكاوى إلى إحباطات مواطنين تتكدّس في نفوسهم وتوغر صدورهم ضدّ وطنهم. المواطن البسيط لا يحضر اجتماعات الوزراء والمسؤولين، ولا يعرف شيئاً عن الخطط الاستراتيجية، وليس لديه صلة أو دراية بالخرائط والأفكار. ما يعرفه المواطن هو شارع في حيّه تم تنفيذه، وكرسي جامعي أو مدرسي حصل عليه ابنه، وعلاج احتاجه فتوفّر له في وقته. وهكذا. وهذا هو المغزى البدهي الذي نبّه إليه القرآن الكريم في الآية الكريمة {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}. وما لم تعملوا؛ فلن يرى أحد عملكم. وهذا هو المغزى الذي ألمح إليه المليك حين وجه الوزراء صراحة بإخبار المواطنين عبر وسائل الإعلام بالمشروعات بشكل «دقيق ومفصل». وهكذا برّأ المليك ذمته أمام شعبه، وانتقلت المسؤولية إلى ذمم الوزراء. وبدورنا في الإعلام؛ ننتظر من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة المسؤولين، وهم أكفياء وقادرون، أن تتحوّل توجيهات المليك الواضحة إلى معلومات دقيقة ومفصّلة على أيديهم، ومن خلال الدوائر الإعلامية التي تضمها الوزارات وتعمل تحت سقف فروعها المنتشرة في مناطق المملكة الواسعة. فالمعلومة هي ما يريده المواطن ليعلم أن المليارات التي سخرتها الدولة له قد وصلته، أو سوف تصله، في مشروعات وبرامج يحتاجها هو وأسرته وأبناء حيّه وقريته أو مدينته. المعلومة الواضحة الدقيقة المفصّلة التي لا تتحدّث عن مشروع فحسب؛ بل وتتحدّث عن سبب تأخره أو تعثّره، وماذا سيتم إزاء هذه المشكلة إن وجدت. وكما قال المليك، حفظه الله، لا عذر لوزير أو مسؤول في أداء واجباته ومسؤولياته إزاء وطنه.