انتشار السلاح في أيدي قطاع كبير من المواطنين العرب، خلَق مشكلات أمنية كبيرة، ففي اليمن صار امتلاك الأسلحة منذ السيف والخنجر وإلى الرشاش والصاروخ والدبابة عند بعض القبائل، أمراً عادياً ويعتبر من (برستيج) العائلة والقبيلة حتى إن الاحصاءات قالت بأن هناك ملايين القطع موجودة بين الناس وتباع على أرصفة المدن.. وفي ليبيا أصبح انتشار السلاح، بعد زوال نظام القذافي، وبمختلف الأنواع والأحجام، وفي أيدي مليشيات وعناصر قبلية يهدد الأمن الوطني هناك؛ حيث بذور حرب أهلية تلوح بالأفق، وكذلك عمليات السطو والجرائم المنظمة، إذ في عهد القذافي لم يكن للقوات المسلحة النظامية أي دور، بل كانت التشكيلات تقوم على عناصر المليشيات ذات الولاء المطلق للنظام، وأثناء الثورة تم إيجاد تشكيلات ترفع عدة شعارات دينية وقبلية ومناطقية، ويعود السبب الأساسي إلى أن أجهزة الأمن لم تقم على نظام تسلسلي بحيث لو انتهت السلطة يبقى النظام قائماً، وهذا أحدث فراغاً لا تزال تعاني منه ليبيا كلها، وحتى الثوار عصفت بهم المشكلات ما أضعف سطوة الحكومة المركزية وجعلها عاجزة عن السيطرة على الأوضاع بما يكفل سلامة الأمن الوطني، وحتى مشروع الدولة واللجوء لشراء السلاح من تلك المليشيات ضاعف موضوع المساومات بين هذه الأطراف، ولم يقتصر أمر الانفلات على جهة معينة بل طال القوات المسلحة وزاد في انقسامها، وصار للقاعدة في هذه التشكيلات وجود ظاهر ومتطرف.. الدولة التي تأثرت كثيراً بفوضى السلاح الليبي هي مصر حيث أصبحت سيناء مستودعاً وممراً لتهريبه لجهات عربية مثل غزة والسودان، وأصبح لعناصر التطرف على حدود البلدين وفي براري سيناء، ذات الجغرافية الواسعة والمعقدة، وبدوها الذين وحدهم من يعرفون دروبها وتعريجاتها، قوةٌ تهدد أمن تلك المنطقة، ما وفر لإسرائيل الأعذار بأن تراقب وتحاول أن ترى في دخول الجيش المصري أراضيه ما يهدد أمنها ويخالف اتفاقات «كامب ديفيد» مع أن مطاردة تلك الفلول تخدم أمن البلدين.. لبنان بدوره يعيش نفس حالة اليمن وليبيا، فلم يكن للجيش دور عملي، وعندما قامت الحرب الأهلية كان تسليح المليشيات أقوى من القوات النظامية، وحالياً هناك تدفق هائل له من عدة منافذ، حتى إن حزب الله بات القوة الأولى على الأرض اللبنانية، ويخشى الجميع من تبعات أي مغامرة له مع إسرائيل، أو أي دوافع تنشأ عن أوامر قادمة من طهران في حال انتهى نظام الأسد سواء في الداخل اللبناني أو خارجه.. العراق ليس بعيداً عن هذه الفوضى، وإن أصبح للدولة المركزية جيشها، وللأكراد قوتهم وكذلك انتشار السلاح بين عدة فصائل.. وفي العموم فإن عواقب هذا الانتشار للسلاح خطيرة على أمن تلك الدول..