ساعات ونودع عام 2012م، عام اشتهرت به المشاجرات التلفزيونية والنصيب الأكبر من البطولة في هذا الشأن للإعلامي فيصل القاسم وبرنامجه "الاتجاه المعاكس"، فهذا البرنامج شخص بضيوفه المتنافرين يجسد حالنا العربي، وأعاد لنا ذكرى مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عندما استفز العالم بقوله: "إذا لم تكن معي، فأنت ضدي"، وهذا للأسف الواقع المشين الذي كان عليه الإعلام العربي خصوصاً من بعد ما يسمى الربيع العربي وتحديداً هذا العام الذي نستعد للاحتفال بتوديعه. عندما تناولت قناة العربية الواقع المصري بمهنية وبواقعية اتهمها الكثيرون بوقوفها ضد النظام الحاكم وضد الإخوان المسلمين على وجه التحديد، فكانت مرحلة تغطيات قناة العربية من وجهة نظري بعد إعلان الدستور الجديد والتصويت له مرحلة شجاعة ومهنية بكل ما تعنيه الكلمة، فهي لم تتعامل مع الوضع المصري بناء على أجندات معينة أو على حساب تحقيق مصالح على أخرى، حتى لو حاول الكثير من محدودي النظر ربط التوجه الواقعي للقناة للواقع المصري بمصالح معينة أو ربطهم ذلك بملكية القناة لسعوديين، وأنها أي القناة أضحت تدار بما يتوافق مع المصالح السعودية، متناسين في الوقت نفسه الواقع الحقيقي الذي يكتنف الأحداث المصرية واختلاف ذلك مع أجواء ما قبل ثورة 25 يناير، فركز البعض على ما تبثه العربية وتناسوا السبات العميق الذي عاشته بالعمد قناة الجزيرة والتي لم تكن حيادية في تغطياتها كما أوهمت الآخرين قبل وأثناء ثورة يناير!. فأنت تستغرب التجييش الذي تعمل ليل نهار الجزيرة الفضائية في الشارع المصري، وتصبح بحالة هيستيرية من الضحك وأنت تشاهد الأشرطة الإخبارية التي تتحرك على شاشة قناة الجزيرة عن مصر، وتقرأ عليها عبارات طريفة ومضحكة تتمحور حول الإخوان المسلمين والتأييد لهم، والذي لم نشاهده حتى على القناة الفضائية الرسمية للجماعة، ولايمكننا أن ننسى ما حدث لهذه القناة تحديداً من الثوار الحقيقيين عندما انكشف لهم توجه وأهداف هذه القناة والتي للأسف كانت غير حيادية مع الشأن المصري، ورغم ذلك لم نشاهد أي تعليق على ما تحاول بثه، عكس قناة العربية التي لم تحجب أي صوت. المشاجرة والركل والرفس هو العنوان الأبرز في الحوارات الفضائية العربية، والنصيب الأكبر طبعاً للاتجاه المعاكس وضيوفه، فهذه سياسة البرنامج قبل الربيع العربي والأجواء السياسية العربية الصعبة، فما بالنا بعد ذلك، لذلك دعونا نفتخر أن الإعلام العربي تضمن أشهر المشاجرات التلفزيونية والتي أصبحت مادة إعلامية مهمة لوسائل الإعلام العالمية، وفي نفس الوقت نتمنى مواصلة العربية لشجاعتها في التعامل مع الأحداث حتى لو حاول البعض التجييش ضدها وبصورة واضحة ومحزنة في الوقت نفسه، لأننا نريد الإعلام العقلاني المحايد، لا نريد الصوت وعكسه، ولكن نريد الواقعية، فهل يكون عام 2013م مختلفاً، أم نظل ندور في الفلك العربي غير المتغير!.