موضوع الاستقرار بالعراق لا يبنى على احتكار فئة واحدة أو مذهب واحد سلطته كلها لأنه تكوّن أصلاً على تعددية أثنية وطائفية وقومية، وقد تعايش في ظل الملكية، إلى أن جاء الاحتلال الأمريكي ليفجر المكبوت عند المكونات العراقية غير ان سلطة المالكي أضافت أبعاداً كثيرة للصراع وتأسيس الفساد وتحالف علني مع إيران، لكن تظاهرات واعتصامات الأنبار وما تلاها من تضامن معهم، فجرت الداخل العراقي، وخاصة من الجانب السني والذي كان سببه اعتقال حراس العيساوي وزير المالية من الطائفة السنية.. المالكي بادر على جعل تهمة الارهاب بنداً مفتوحاً على من يريد التخلص منهم، حتى ان السجون وانتهاك الحقوق والأعراض من بنات السنة تحديداً وفي مجتمع متدين وعشائري بطبيعته محافظ، وتهميشه مع سبق الاصرار هو ما استدعى ظهور الاحتجاجات ووصولها إلى أقاليم مختلفة.. قبل ذلك كان المالكي خلق اشكالات مع الأكراد وصلت إلى حشد قوات الطرفين وأضاف للأزمة مرض الرئيس طالباني الذي ظل مركز فض الخصومات بين الأطراف المتنازعة ما أوجد فراغاً آثار قضية من سيخلفه من الطوائف والقوميات وهي قضية قد تلهب الشارع العراقي بتحالفات بين قوى مختلفة تذهب إلى دعوة اسقاط المالكي بقوة ضغط الشارع.. وإذا كانت الثورة بسوريا انذاراً خطيراً لنظام المالكي، فإن إيران تراها الأخطر في مستقبل الأيام، إذ سيكون الحكم القادم لسوريا سنياً بحكم الأكثرية الشعبية، وهذا سيخل بتوازن الداخل العراقي، ويضيف بعداً جديداً لسنته والمأزق الآخر ان تصدير جزء من نفط العراق يمر عبر سوريا، وسيكون مستقبله مجهولاً إن لم يكن ايقافه بناء على دعم حكومة المالكي لنظام الأسد، واعتبارها ممراً عسكرياً لأسلحة إيران التي ذهبت لسوريا، وأهم من هذا كله عزلة العراق عن محيطه العربي التي افتعلها المالكي.. تركيا ليست على وفاق مع نظام العراق وسبق لها ان ضيقت على صدام حسين عندما حجبت مياه النهرين دجلة والفرات، وزاد من مضاعفات المشاكل ان تقاطعت مصالحها وتوسعت الخصومة إلى صراع تركي - إيراني على العراق وسوريا معاً.. العراق يمر بأزمة حادة والمالكي سببها ومؤشرات ما يجري في الداخل تفترض وجود بذور ثورة جديدة قد تكون أسبابها طائفية أسس لها المالكي نفسه وخاصة في اقصاء السنة والذهاب بعيداً لرؤية ما سيحدث بعد سقوط النظام السوري وهو هاجس لا يخفي حكم بغداد أنه كابوس عليه، قد يغير معالم خططه ونفوده..