..العنوان أعلاه ليس عاماً لجميع الشباب، ولكنه يقترب من غالبية ما نراه من ممارسات، وسلوكيات، واستعراض ذات، وفراغ يمتد على طول الطريق وعرضه.. بعض الشباب اليوم تبلّد إحساسهم، واستسلموا لواقعهم، وأخذوا على أنفسهم عهداً أن يبقوا على حالهم دون تغيير للأفضل؛ لذا لم يعد هناك تقدير لصعوبة الحياة التي ستواجههم، وتحديداً في البحث عن وظيفة، والزواج، وتكاليف الحياة الأسرية، وتأمين المستقبل، وبقوا مترددين على مقهى، ورصيف، وسوق، وأعمارهم تمضي..!. بطالة وفراغ واعتبر "سليمان الخثلان" -طالب جامعي- أنّ وصف المجتمع للشباب بالاستهتار جاء لأنّ البعض منهم يتواجد بكثرة في المقاهي، والأسواق التجارية، وقضاء جل وقتهم بدون فائدة تذكر، من خلال مشاهدة القنوات الفضائية والتنقل عبر شبكة الانترنت من موقع لآخر، متسائلاً عن البديل الحقيقي لهذا الوضع في ظل عدم توفر أماكن تحتوي الشباب، وانتشار البطالة في أوساط الشباب من الجنسين. واقترحت "نجلاء الشهري" -طالبة جامعية- إنشاء مراكز متخصصة في مجال الإبداع الفني والعلمي والرياضي لدعم المواهب الشابة من الجنسين، مع تشجيع النشء على ممارسة الهوايات العلمية، وزرع روح الإبتكار فيهم، وصقل المواهب المهتمة بالعلوم والتكنولوجيا الحديثة، وتشجيع الشباب على الرياضة عوضاً عن إهدار الوقت فيما لا يفيد. جيل التقنية مشغول في معرفة تفاصيل الآخرين ومتناسٍ احتياجاته التخطيط والتدريب وبيّن "علي المالكي" -عضو جماعة حوار بنادي جدة الأدبي- أنّ الأمر يعتمد على وجود التخطيط في حياة الشباب من عدمه، والتخطيط للتعليم والتدريب يأتي بدرجة أقوى من التخطيط للأمور المادية، لا سيما وأنّ العالم يعش في زمن "الإنفجار المعرفي"، ومن لا يملك ثقافة واسعة ومنهج يتحاور به مع الآخرين؛ حتماً سيصنف بالأمية مهما كان متعلماً. وأكّد "أحمد القرني" -موظف حكومي- على أهمية التخطيط، معتبراً أنّه لا يكون في حياة البعض إلاّ بشكل نسبي، حيث يكاد يقتصر على القضايا الأساسية والمصيرية كالزواج والدراسة ونحوهما. شبان يبحثون عن مستقبل أفضل من خلال التعليم المستمر ونفى "د.عبدالله بن هادي" -خبير في التنمية والتطوير- تهمة الاستهتار عند الشباب، مدللاً على ذلك بحرص الشباب على عملية التدريب والتطوير المستمر، وكثرة حضورهم على الرغم من كل تلك المشاكل التي تملئ حقل التدريب والتطوير، والتي من أبرزها -بحسب قوله- عدم تقديم التدريب للشباب بصورة مغرية، إذ يفتقر هذا المجال للدعاية الجيدة، علاوة على افتقاره للطرح المناسب للشباب من حيث اهتماماتهم. د.خالد باحاذق مسؤولية مشتركة وأرجع "د.خالد باحاذق" -استشاري أسري وخبير نفسي- أسباب الاستهتار لدى الشباب إلى الفراغ الذي يعانون منه؛ مما يدفعهم بشكل أو بأخر إلى ممارسة الأمور الثانوية عوضاً عن الأساسية لشغل أنفسهم، ما يعني أنّ هذه القضية تحتاج إلى زرع القيم والمبادئ لدى الإنسان، مبيناً أن (70%) من عملية التلقي تكون من قبل الوالدين، داعياً وسائل الإعلام إلى تقديم نماذج حقيقية لأشخاص استطاعوا النجاح، مع عرض الصعوبات التي واجهت طريقهم، معتبراً أنّ الاستهتار لدى الشباب نوع من أنواع التعبير عن شعور بالنقص!. علي المالكي وقال:"على المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني أن تتكاتف من أجل إعطاء الشباب ما يستحقونه من ثقة بإمكاناتهم"، مبدياً أسفه على الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات على أرض الواقع، فالتربية -بحسب قوله- لا تزال تستثني النواحي التربوية من العملية التعليمة على أهميتها وتكتفي بدورها التعليمي، في حين أنّ الإعلام اكتفى بالجوانب الترفيهية على حساب الأولويات، منتقداً المؤسسات الخيرية التي تقبل بعمل الشباب التطوعي لديها، إذ أنّها -بحسب رأيه- لا تزال تتجاهل الجوانب الخيرية لدى الشباب، فلا تسمح لهم بالتنفيس عنها بطريقة صحيحة، كما أنّ هذه المؤسسات الخيرية تختزل الشباب في فكرة الاستهتار، مضيفاً: "علينا أن نتصيد الجوانب الايجابية في الشباب، وتوسيع النواحي الايجابية لديهم، عن طريق بث روح الحماسة فيهم، وذلك لنتمكن من كسب هؤلاء الشباب، والدخول إلى قلوبهم وفكرهم، وبالتالي نتمكن من التغيير فيهم، بحيث يستمتعوا بما يوكل إليهم من أعمال، ويعيشوا الحياة التي تعتمد على الإنتاجية والمبادئ، بعيداً عن الاستهتار". أحمد القرني مخزون ثقافي وتربوي وأرجع "عبدالله اليحيى" -خبير تربوي ومستشار أسري- مظاهر الاستهتار في تصرفات بعض الشباب إلى الخبرات المختزنة لدى الإنسان، وهي عبارة عن المخزون الثقافي التربوي الذي مرّ عليه الشاب منذ مرحلة الطفولة وحتى مرحلة الشباب؛ بما يعني أنّ أي تصرف يصدر عن الإنسان يكون بناءً على المخزون عنده، لذا من المهم ملء مخزون الإنسان بالقيم، كما يعود الاستهتار لدى الشباب إلى اليأس والإحباط الذي يعاني منه بعضهم؛ كاليأس من الدخول للجامعة، أو اليأس من الحصول على وظيفة، واليأس من النجاح في الحياة؛ مما ينتج عن ذلك من عدم رغبة في الاهتمام بأي شيء، وقد يلجأ الشاب إلى عمل مخالف يمكن أن يشعره بقيمته، وإن كانت زائفة. وأضاف": "لابد من صناعة صورة تفاؤلية للحياة عند الشباب، وتدريب المعلمين على كيفية تعزيز القيم لدى الطلاب، من خلال الاهتمام بالتعليم التربوي القيمي، ومن ثم تدريب الشباب"، موضحاً أنّ الشاب المستهتر لن يحضر أي دورة تدريبية لأنّه يفتقر للدوافع المحفزة، لذا لابد من تجديد الطرح الفكري أمام الشباب لصنع حافز يسمعون عنه، مشيراً إلى حاجة المجتمع إلى مخاطبة اللاوعي قبل الوعي في الشباب؛ بهدف زرع القيم فيهم، والتي تتبنى بعض وسائل الإعلام حالياً طرحها في صورة ضعيفة.