عقد خمسون من كبار المسؤولين بوزارة الخارجية الإسرائيلية جلسة مطولة الاثنين الماضي في إطار حلقة نقاش تستمر أسبوعاً، لإعادة تقييم موقف الوزارة السياسي. وقدم هؤلاء المسؤولون رؤى مختلفة حول الموقف الدولي لإسرائيل في العام 2012 وسبل دفعه للأمام خلال العام المقبل. وستتمخض حلقة النقاش هذه عن وثيقة تُقدم بعد انتخابات رئاسة الحكومة المقبلة وانتخاب وزير جديد للخارجية بعد استقالة (العنصري) أفيغدور ليبرمان، والتي من المحتمل أن يشغل نتنياهو المنصبين فيها. وبحسب صحيفة «هآرتس»، فان الوثيقة لن تقتصر على تقديم رؤية حول الوضع السياسي، بل ستشمل توصيات حول السياسة التي يجب أن تنتهجها الحكومة المقبلة في عدة مواضيع ومنها (عملية السلام)، والعلاقات مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، والأزمة مع تركيا، وطريقة التعامل مع تداعيات الأحداث في العالم العربي. ويرى مسؤولو الخارجية أن موقف إسرائيل الدولي تضرر بشكل كبير خلال السنوات الأربع الأخيرة، وخاصة فيما يخص العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وعزوا ذلك الى استمرار الجمود السياسي، والتوسع الاستيطاني الذي جاء رداً على التحرك الفلسطيني في الأممالمتحدة. وفي الثامن عشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري وُزع داخل وزارة الخارجية الإسرائيلية تقرير حول سياسة الاتحاد الأوروبي إزاء إسرائيل، وعملية السلام مع الفلسطينيين. وقالت الصحيفة إن من يقرأ التقرير بتمعن فسيرى أنه يتضمن إنذاراً سياسياً، خاصة أنه أُعد بعد ذهاب الفلسطينيين الى الأممالمتحدة، وبعد الانتقادات الأوروبية الحادة للتوسع الاستيطاني الأخير الذي عمدت إليه إسرائيل كرد على التحرك الفلسطيني. وطبقاً لمسؤول إسرائيلي رفيع فإن التقرير يشير الى واحد من التحديات التي يتوجب على الحكومة الإسرائيلية الجديدة مواجهتها خلال العام المقبل 2013، والمتمثل في الضغط الكبير المتوقع من جانب الاتحاد الأوروبي للتقدم على المسار الفلسطيني. ويؤكد التقرير انه على رغم عدم وجود مبادرات سلام دولية جديدة، فإن الشعور باليأس يسود الاتحاد الأوروبي من قدرة العملية السياسية بصورتها الحالية على الوصول الى حل. أما السيناريو الأساسي الذي يحذر منه المسؤولون في الخارجية الإسرائيلية فهو عمل الأوروبيين على فرض تسوية سياسية على إسرائيل والفلسطينيين خارج إطار المفاوضات المباشرة بين الطرفين. وجاء في التقرير أن الأوروبيين يميلون بشكل كبير الى دعم إقامة دولة فلسطينية فعلاً بموازاة العملية السياسية دون الحاجة للتنسيق بين المسارين. وبحسب «هآرتس» فقد قام المسؤولون في الخارجية بالتدقيق في تصريحات وزراء الخارجية الأوروبيين خلال السنوات الماضية ولاحظوا تغيراً تدريجياً في تصريحاتهم وقراراتهم. وعلى عكس ما كان سائداً فقد اختفت من تصريحاتهم فكرة أن الطريق الوحيد والأفضل لتحقيق أي تقدم سياسي هو المفاوضات المباشرة بين الطرفين. ويرى الإسرائيليون أن هذا يشير الى أن الأوروبيين شرعوا بالبحث عن طريق لدفع حل الدولتين الى الأمام حتى لو كان هذا عكس رغبة الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وأكد التقرير أن الأوروبيين أصبحت لديهم قناعة تامة بأن العملية السياسية بشكلها الحالي لا أثر لها، ويرافق هذه القناعة دعوات متكررة من جانب عدد كبير من السياسيين الأوروبيين بضرورة إيجاد طرق جديدة للتقدم سياسياً. وقال دبلوماسي أوروبي في حديث ل «هآرتس» ان الاتحاد الأوروبي يرى ضرورة إعادة صياغة عملية السلام وطرحها بصورة جديدة حتى تتمكن من تحقيق تقدم خلال العام المقبل 2013. وأضاف «نحن نعتقد بضرورة وضع علامات دولية لإنهاء الصراع. لن نسمح أكثر بجلوس الطرفين في غرفة معزولة ونقول نعم فقط لكل ما يفعلونه». ويقود هذا التوجه في الاتحاد الأوروبي حالياً كل من وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ والفرنسي لوران فابيوس. وذلك بعد أن يئس الاثنان من تباطؤ وتلكؤ الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. كذلك ساهم توسع إسرائيل في بناء المستوطنات والسلبية الأميركية حيالها في إحباطهما. ويرى الاثنان هيغ وفابيوس بأن التقدم باتجاه الدولة الفلسطينية المستقلة سيدعم أمن إسرائيل ويحافظ على صورتها الديمقراطية، وطبقاً لهما فإن استمرار حالة الجمود السياسي الحالية الى السنة المقبلة سيعرض الجميع لخطر حقيقي وسيلحق ضرراً كبيراً بمصالح الاتحاد الأوروبي. وعلى رغم توافق الأوروبيين على الضرورة الملحة لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ، إلا أن الدول السبع والعشرين أعضاء الاتحاد مختلفة حول أساليب دفع الطرفين للعودة للمفاوضات. ويتركز الخلاف حول كيفية وحجم الضغط على إسرائيل، وخاصة فيما يتعلق بموضوع المستوطنات والتوسع في بنائها، وهل بات ضرورياً فرض عقوبات ضدها.