عبدالعزيز الربيع أديب ناقد فلتة بين الأدباء الذين تمكنوا من متابعة الأعمال الفكرية المختلفة التي صدرت بالداخل والخارج على وجه التقريب، فهو مطلع مستمر في القراءة طوال حياته التي أحياها بين العلم والعمل والأدب والدين والقراءة والكتابة. هو من أهل المدينةالمنورة الذين عرفوا بشخصياتهم المتواضعة وعزتهم بالله عز وجل، كان يراسل صحيفة المدينة في يومياتها يوم الثلاثاء حيث ينشر مقاله الأسبوعي، وغالباً ما يكون مسحاً نقدياً وأدبياً لكتاب من الكتب، أو مؤلف من المؤلفات الشيء الذي يمتاز فيه الربيع بكل معنى الكلمة، حيث ينتظره قراؤه على صفحة هذه اليوميات. وكان عبدالعزيز الربيع يذهل القارئ لمقالاته بالمعلومات التي تنداح عليه وهو يدبجها بالآراء والنظريات التي ينطلق منها في سبيل النقد الأدبي للكتب أو الأعمال أو الشخصيات المؤلفة التي تساهم في نشر المعرفة والعلم والأدب. وقد يتساءل القارئ لماذا نحن نهتم بأعمال الأدباء؟! والرد على هذا التساؤل بسيط للغاية، حيث إن هذه الأعمال هي التي تقنن الحياة الأدبية وتصنفها من خلال تفكير صاحبها وعلومه وآدابه التي سطرها في الكتب والمؤلفات، فلا مجال سوى ذلك يتنسم فيه القارئ لتلك الأعمال والمصنفات، سواء أكانت رواية أم دراسة أم شعراً أم نقداً أدبياً عند صاحبنا عبدالعزيز الربيع الذي تكرّم نادي المدينةالمنورة الأدبي الثقافي بنشر أعماله الكاملة في ستة أجزاء، شمل هذا العمل ما كتبه الربيع في الصحف المحلية منذ السبعينيات من القرن الرابع عشر الهجري وحتى نهايته، وكان عملاً جليلاً وأدباً رائعاً وثقافة حية يُشكر عليها جامعها لشمولية ما كتب الربيع خاصة وأن الأعمال مؤرخة بتاريخ اليوم المنشور فيه المقال أو الدراسة أو الموضوع، ورقم العدد من الصحيفة أو المجلة أو الدورية، وهذا يسهل عملية المتابعة وكيفية إدراجها ضمن ما كتبه المؤلف - رحمه الله -. والرائد الربيع واسع الاطلاع كثير القراءة باحث ومنقب، غزير الفهم والكتابة، لذلك فإنه قد يحيط علماً بالشيء دون سواه ممن احترفوا الكتابة الصحفية دون مزيد من متابعة ما يصدر من الأعمال الأدبية والفكرية وإنما يطرحون ما يكتبونه من أجل النشر ليس إلا. أما عبدالعزيز الربيع الأديب الناقد فإنه يختلف عن هؤلاء لأنه يشكل مدرسة أدبية ونقدية سعودية انطلاقاً من ذاته وفكره وموهبته ومعرفته وفهمه العبقري الشاسع. ويكاد يكون الوحيد في هذه المدرسة النقدية التي لم يُلتفت إليها منذ سنين عديدة خاصة أن رحيله قد يكون سبباً في عدم هذا الذكر أو الالتفات إلى أعماله، ولا أجزم بهذا لأن أعماله الكاملة مطروحة في المكتبات ودور النشر المختلفة، ولكن من باب المتابعة ذكرنا ذلك. ومن يقف على أعمال عبدالعزيز الربيع الأدبية والنقدية والتربوية يجد أن ما قلناه يصدق عليه وعلى أمثاله من النقاد الأدباء ذوي الاطلاع الواسع في العلوم والآداب والفنون. فهو يشكل رمزاً نقدياً، وسمة فكرية وصفة أدبية فيما كتب خاصة وأنه يكتب في الصحافة بأسلوب الأديب وينشر في المجلات بطرح المثقف، ويبث في وسائل الإعلام عامة بفكر الكاتب الذي يبحث عن الجديد دوماً في سبيل الطرح المعنوي للمتلقي والموضوع الهادف للقارئ ففكره من هنا يفجر مقالة نقدية من هناك، وطرح مفهوم في الساحة يعطي أدباً جديداً وفكراً نيراً ومساهمة معنوية علمية كانت أم معرفة تصل إلى المتلقي أينما كان..! وهنا المنطلق لعبدالعزيز الربيع أن يكون عضواً في المدرسة الأدبية للنقد المعاصر التي تتخذ من الناموس الأدبي للأمة منطلقاً لها، ومن الفكرة الدينية مساهمة منها في نشر الثقافة أيما كانت، وفي أهدافها وأساليبها كيف جرت بحيث ترمي إلى إفادة المجتمعات التي تتكون من أفراد الناس والبشرية لخدمتهم عن طريق هذه الطروحات الثقافية والدراسات الأدبية والأفكار الدينية للعمل من أجل معرفة التراث والتاريخ والثقافة. إن عبدالعزيز الربيع وأمثاله قلة من الأعلام والأدباء والمثقفين الكتّاب، سار في درب علمي وأدبي شاق لكنه مفيد أفاد به نفسه أولاً، ثم أفاد قراءه وتلاميذه مرة أخرى تارة بالدراسة وأخرى بالبحث لكن بأسلوب الأديب والمثقف والكاتب المربي والناقد البصير. ولا غرابة في ذلك فعادة هذه المدرسة التي ينتمي إليها عبدالعزيز الربيع أن تغزر معلومات أفرادها وتكثر مطالعاتهم على ما ينشر ويطرح ويقال في الساحات الثقافية المتعددة، فمن ثم يقومون بغربلة الأفكار والمواضيع والفقرات والعبارات في الأعمال الأدبية والثقافية ليعطوا خلاصة ذلك لا بالاختصار ولكن بالإفادة المرجوة والمطلوبة والميسورة لهم أي لمتلقيهم من القراء والدارسين والباحثين. وهذا عمل نقدي صرف يقوم به الأديب الناقد مثل الربيع ويتلقاه قارئ أريب. على أننا لا نهضم حق أحد إذا ما قلنا بانفرادية هذا الأديب الناقد البصير والكاتب والأريب المثقف عقوداً من الزمن وهو يطلع ويتابع ويقرأ ويلاحظ ويبحث ويؤلف كي يعطي القراء ما يفيدهم فكراً وطرحاً. وفي الختام فإنه يفيدهم فعلاً ويطرح لهم فكراً بحصافة الأديب وبلغة الأريب وبثقافة الكاتب الباحث المدقق. توفى الأديب عبدالعزيز الربيع في صفر من عام 1402ه - 1981م. ولله في خلقه شؤون.