المسلسل التركي المدبلج " نساء حائرات " بنى قوامه على قالب مسلسل أميركي مماثل، يحكي في حلقاته الكبيرة العدد تفاصيل نساء مختلفات الفئات والتوجهات يعشن ضمن حارة تشكل مضمار العرض الذي يشهد أحداثهن ومعاناتهن وحكاياتهن التي تتشعب في علاقاتها المتعددة وتتوسع كلما قطعت الحلقات شوطا للأمام لتفسح المجال لدخول أطراف جديدة تحمل قصصها الجديدة التي تتماهى في سردها ضمن نسيج المسلسل الأساسي بشخوصه الثابتين دوما. فهل نجح المسلسل في استقطاب اهتمام نسائنا؟ الحقيقة – ومن خلال البيئة المحيطة – أقرت شرائح لا بأس بها من النساء والفتيات أنهن من المتابعات لهذا المسلسل لأنه – وفق تعليلهن – يجسد معاناة المرأة بعيداً عما يخدش الحياء، وذلك بتشويق وذكاء مغلفين بحس الفكاهة المحبب من خلال شخصيات فنانات جميلات امتاز تمثيلهن بالعفوية والبساطة، حتى لكأن المشاهدة لهن تشعر أنهن وجوه مألوفة لديها تعرفها منذ زمن. بالإضافة إلى أن القصة ليست مملة كونها تخضع دائماً لدخول دماء جديدة وأحداث تنبت على الهامش، أو في قلب الحدث الرئيسي، تشد المشاهدة لمتابعتها وتتبع ما تؤول إليه من نتائج وتأثيرات. ومادام المسلسل قد حصد كل هذا الرضا من قبل فئات متعددة من النساء، هل يطرح هذا أمامنا تساؤلاً حول إمكانية صناعة نسخة سعودية منه ؟ للنساء في مجتمعنا أيضاً حكاياتهن ومعاناتهن، سواء داخل الأسرة، أو في المجتمع، أو حتى في أمكنة العمل والدراسة والترفيه والتسوق.. الخ. لهن في كل مكان قضية وأحلام وآلام، سواء عشن في حارات راقية أو فقيرة أو متوسطة.. وهناك حكايات واقعية قد تنفرد بها ساحة مجتمعنا " ليس أولها التناقضات التي يحفل بها العُرف والاجتماعي حول ما يتعلق بالمرأة. كل ما يوجد في الواقع هو مادة درامية خصبة وثرية تحتاج لمن يتقن نقلها وصياغتها في قالب كتابي متقن يليق بها، لا ليستخدمها كعامل فضح وجلد ذات وتشويه مجتمع، وإنما لاستخدامها في طرح الحلول، أو التمهيد لزرع أفكار ايجابية جديدة، أو فتح آفاق معرفية تعين " النساء الحائرات " على التعامل الصحيح مع معاناتهن الخاصة مهما كان نوعها ومجالها.. فماذا لو حدث ذلك ؟