سيدتي لم أكن رجلا تنقصه الأضواء والتجربة ورهافة تذوق تنعش إغراء الأنوثة, لكنني آت من عصر كان فيه الرجل ينثر قصائد الشعر الرائع كأبهى عقود اللؤلؤ كي يتخلل دفئها ما يشيح عنه من ندرة أنثوية فتلتفت إلى ما هو فقط جدير بالالتفات.. آت إلى عصر أصبحت فيه المرأة تدفع أمامها عربة مساحيق وألوان تغير فيها ملامحها وشعرها وتفاصيل محاولات ثنايا الحرير الانعتاق من محاصرات اكتناز صدرها.. أي عصر وجدت..؟.. إنه عصر قصائد الشعر التي باتت تلاحق عبثا وجود فحولة غائبة.. كل شيء نأكله بكثرة نزهد فيه بكثرة.. حتى جسور الليمون لو باتت وحيدة الصلة بنا مع روائح الآخرين لفررنا منها إلى خشونة شيح بري نستعيد به عفوية ما كان تحسسنا للجمال والتذوق من قبل.. قبلك كنت أضيع وسط قبيلة من النساء لم تعد مشرعة الرماح بما هي عليه أهداب عيونها من ذبول, وما بات البرق يخطف من شفتيها بهجة الابتسام بعد أن أصبحت الشفاه تمتلئ بالقبلات مثلما تفعل ذلك فناجين القهوة.. إنني مدين لك يا غزالة هذا العصر.. مدنيته وبداوته.. بإعادتك للمرأة بلقيس جديدة وعشتارا للإمتاع تزهر الآفاق.. لم تمتد لي منك يد أو تأخذني إليك بطاقة دعوة لكنني كنت مثل ذلك البدوي القديم الذي يذرع المسافات بحثا عن رائحة ندى وترف ملامحه بالاستبشار مع كل رفيف البروق البعيدة عنه حتى إذا ما اغتسل بالأمطار تيقن أنه أحب المكان.. لقد جذبتني إليك تلك البروق قبل سنوات طويلة وتخيلت أنها تنافس القمر والشمس في توالي إشراقاتها وليس لي الحق أن أمتلك انتشار الضوء حتى إذا ما حدث بعد تلك السنوات الطويلة وتلألأ في المكان الذي أقف محتارا فيه ذلك الرنين لعذوبة إيقاع الفرح.. الابتهاج.. الرقص عبر حروف الكلمات.. شعرت بك مثل سحابة تكتنز بأمطار متميزة.. ترسل رعودها.. بروقها.. تستجلي كل مكان تمر به ما إذا كان جديرا بما هو مخبوء داخل الغيمة من ندى ودفء وعطور.. هل كنت ذلك المكان الذي كانت تبحث عنه الغيمة..؟.. ربما.. إن السماوات كريمة كعادتها بما تمتلئ به من نجوم وأقمار وشموس لكنها الأكثر كرما معي حين تأتي منها غيمة العطر كي يزهر جفاف الصحراء بعذوبة اللذة الفريدة التي تميز موسم أمطارها الرائع الأنواء.. حالة من الحب المؤجل حان زمنها . .أتيت بعد أن فقدت قبيلة النساء سطوة أنوثتها القديمة.. الممتع أنك أعدت لي لذة القلق, من امرأة تتوغلني فأخاف سطو خفق راياتها على كل مسارات شراييني.. فجأة استيقظ كل حضور في تكويني فأصبحت مثل محارب أسطوري أفريقي يشعل النيران حوله , يتأمل توالي لهب الوله وهو يضيء وجنتي امرأة يحلم أن يشعل معها توقد نيران أخرى في بريقها ونداءاتها ضراوة ما يشدهما من أنواء..