كنت جالسا إلى جانب الزميل الأستاذ كمال حمدي في سيارته بأحد الشوارع العربية, وحين توقفنا أمام إشارة مرور التصقت بنافذته متسولة رثة الثياب وكانت توالي شرح حاجتها وظروفها ويوالي هو عدم تصديقها ويطلب منها الانصراف حتى إذا يئست انصرفت مستديرة على السيارة لتمر بي فوهبتها مبلغا تافها للغاية وتمتمت ببضع كلمات لم أستوعب مضمونها لكنها أثارته فودعها بكلمة غاضبة.. سألته لماذا أنت منفعل.. أجابني ضاحكا .. أنت لم تسمعها.. لقد قالت أبعد الله عنك أولاد الحرام.. قلت بل سمعتها وماذا في ذلك.. صحيح أبعد الله عني أولاد الحرام.. قال إنها تقصدني بهذه التورية.. إن الشحاذ يلجأ إلى الشتم عندما لا تعطيه حين لا يكون فقيرا فهي محتالة أكثر مما هي فقيرة.. وصحفي الابتزاز إذا لم يستلم فإنه يشتم أيضا .. وفي الرياض ألفنا في زمن سابق كلمة "سكتوه" بفتح السين وتشديد الكاف وضم التاء حين يقولها واهب المال لمن يقلقه بلجاجة لو كان مدعيا في قضية غير صحيحة لإيقاف إزعاجه عند حد, وفي العلاقات الإعلامية السياسية يقال سكتوه لمن يصرفون المبالغ بناء على فعل الأمر هذا لأي صحفي يشتم بلادنا أو يتلاعب بحقائقنا, ومن فضائل الملك فهد أنه أوقف فعل الأمر هذا بعد أن تكو نت مجموعة أسماء معروفة في عدد من المدن تحترف شتمنا حتى نقوم بصرف ما يترفها ويبهج حياتها.. نحن ندفع المال.. غيرنا يلجأ إلى الاغتيال.. ولأننا ضد القتل فكان من العقل أن نوقف دفع المال لأن أولئك تمادوا في الشتم على اعتبار أنه كلما تكاثرت بذاءة ما هو مكتوب تكاثر ما هو مدفوع, ومع الزمن تقل ص ذلك العدد الشاتم وبقي واحد مازال يأمل أن يأتيه مصروف سري ينقذه من تنقيط العراق ودولة خليجية عليه وعلى صحيفته فهو يوالي قلب الحقائق بوقاحة عجيبة مثل وقاحة تلك المتسولة.. ليته يمارس تدليسا ذكيا أو يمارس التشكيك بما يعطيه خط رجعة عند المشاهد والقارىء حين يفتضح تدني آرائه لكنه يكذب ويكذب وهو لا يكترث بذلك حيث لا يوجه ذلك التدليس لقارئ أو مشاهد, ولكنه يوجهه لسفارتنا ولمشاهدين مهمين في بلادنا أملا أن يقال "سكتوه" فيأتيه المال.. الأصوب هو ما يحدث الآن.. تركه يهذي ويوالي فقد احترام الناس حين يقول إن الإعلام الخليجي غني بالإعلان لأن دول الخليج تزيف المعلومات التي تزود بها وكالات الإعلان الغربية ويرد عليه لبناني وليس سعودي بأن دولا نفطية عربية وأخرى فقيرة لا يمكن أن ينجح فيها الإعلان لأن الدولة هي التي تشتري وتبيع للناس, أو لأن هناك قيود استيراد, فماذا يستفيد معلن أجنبي من سوق لا حضور لمنتجه فيه بينما يوجد في السعودية سوق اقتصاد حر.. ويأتي معقبا على زيارة سمو الأمير عبدالله للبنان فيقول بأنه مسافر وهو يحمل وجهة نظر أمريكية.. هل بعد هذا وقاحة تذكر, فماذا دفع العراق للبنان وهل بلغ مجموع ما دفعته الدول العربية ما يوازي ربع ما قد مه الأمير عبدالله باسم المملكة من دعم للبنان بلغ مائة وثلاثين مليون دولار بشكل معلن احتفت به كل الصحف اللبنانية وكل الفاعليات السياسية.. أغيظوه ولا تسكتوه أسلوب ردع قادر على دفع هذا الافتراء نحو فضح ذاته..