دور المضاربين في أسواق البترول (لاعبون على دكة الاحتياط) الذين يقولون إن المضاربين هم السبب في ارتفاع أسعار البترول للأسف الشديد لا يعرفون أن السبب الأساس الذي يغري المضاربين لدخول أسواق البترول هو لأن المنتجين للبترول يبيعون بترولهم بسعر أقل من سعر التوازن التنافسي الذي يستحقه البترول في السوق الحرة. يجب أن نعرف أن المضاربين لا يتواجدون ولا يدخلون السوق إلا في حالة وجود أكثر من سوق واحدة للسلعة الواحدة بأسعار مختلفة بفارق كبير بين الأسعار يغري المضاربين بشراء السلعة من السوق منخفض السعر وبيعها في السوق مرتفع السعر وكلما زاد الفرق بين السعرين كلما ازدادت أعداد ونشاط وأرباح المضاربين وبالتالي تزدهر أسواق المضاربة. أهم الأسباب التي تجعل للبترول سوقين مختلفين هو تحديد سعر اعتباطي يسمى السعر العادل أقل من السعر الذي يحقق التوازن بين العرض والطلب في السوق الفوري للبترول. من المبادئ الأولية (تجدوها في مذكرات طلبة الاقتصاد) لنظرية السوق أنه إذا تم فرض سعر أعلى للسلعة أقل من سعر توازنها فسيؤدي إلى نشوء أسواق ثانوية (كالمضاربات، والأسواق السوداء) ولا يمكن القضاء على المضاربة إلا بازالة السعر الإجباري (كالذي يسمى السعر العادل للبترول) أو السماح لحكومات الدول المستهلكة بفرض الضرائب على البترول بالقدر الذي يعيد التوازن للسوق. المضاربون لاينتجون البترول وبالتالي لايستطيعون خفض أو زيادة عدد البراميل الحقيقية المعروضة للبيع في السوق. كذلك المضاربون أيضاً لايستهلكون ولايخزّنون البترول وبالتالي لايستطيعون خفض أو زيادة عدد البراميل المطلوبة (المستهلكة) الحقيقية في السوق. ولذا فإن دور المضاربين في التأثير على ارتفاع أسعار البترول دور ثانوي غير مباشر كدور اللاعبين على دكة الاحتياط يتحيّنون اقتناص الفرصة السانحة للنزول إلى الملعب (السوق) للقيام بدور ملء الفراغ بين سعر العرض المنخفض وسعر الطلب المرتفع وبالتالي إعادة التوازن إلى أسواق البترول. كذلك ارتفاع أسعار البترول ليس حافزاً لتعظيم أرباح المضاربين. إنما الحافز للمضاربين هو فقط مقدار الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع. فعلى سبيل المثال: لو كان سعر البرميل 100 دولار وسعر بيع المضاربة 102 دولار فسيكسب المضارب دولارين في البرميل. بينما لو ارتفع سعر البرميل الى 125 دولارا وسعر بيع المضاربة 125.5 دولارا فانه سيكسب خمسين سنتا فقط في البرميل. ولذا فالمضاربون يحاولون خفض سعر بترول المنتجين(لا رفعها)لأنه يحقق لهم أرباحاً أكبر. هكذا يتضح أن المضاربين يتاجرون ليس بالبترول كسلعة يتداولونها وإنما يتاجرون فقط بفروقات أسعار البترول بين سوق وسوق آخر،أو تقلبات أسعار البترول بين يوم ويوم آخر. البعض قد يقول إنك لم تتعرّض لدور سوق برميل بترول الورق في ارتفاع أسعار البترول (اسمحوا لي الزاوية لاتتسع للتفصيل) ولكن من حيث المبدأ التجريدي فإن الوضع لا يختلف كثيراً عن الوصف أعلاه ماعدا أن سوق الورق قد يستخدم كأداة لزيادة تقلبات السعر بين يوم ويوم (بل حتى لحظة ولحظة) مما يشجّع على تزايد دخول المضاربين ويفسح المجال لقيام البعض (الهوامير) بمناورات لخفض السعر عند الشراء ورفع السعر عند البيع. نختم ببيت حلمنتيشي: نعيب المضاربين والعيب فينا وما لبترولنا عيب سوانا