أين هم أولئك الذين ذبحونا بالتأفف حين يدلف ملتح منا متجرا أوروبيا قائلا مع خطوته الأولى "بسم الله الرحمن الرحيم" ناصحين.. لماذا لا يهمس بها لنفسه..؟.. ذبحونا حين نهمس في أذن جرسون مطعم يقدم طبق سلطة نلاحظ به بعض شرائح صغيرة من اللحوم فنسأل.. ما إذا كانت خنزيرا .. فينظرون إلى الأرض قائلين.. لا تطلب ما لست تعرف.. وجعلوا من اضلاعنا سلم شهرة وفوقية حين يتبرمون من خليجية ترافقها سيلانية تخدمها أو طفلة تراقبها مستخدمة فلبينية.. أو من رجل شرقي يتذوق بنظراته ملامح الجمال ولم يخدشها معتبرين أنه وحش جائع ليس في روما أو باريس أو لندن له مكان.. لنا عيوبنا.. أخطاؤنا.. تعقيدات حياتنا وظروفنا.. لكننا لسنا الأسوأ من أولئك القدوة في عيون من "ذبحونا" حين لا نأكل الضفدع فهم لا يأكلون الضب أو الجراد.. حين لا نأكل الخنزير بسبب ديني فهم لا يأكلون الجمل بسبب ترف ذوقي.. نخطئ فينحرف البعض منا فيما هو نصف خطأ لكنهم يبيحون الشذوذ بقانون.. لقد أثارني خبران دوليان ماذا لو حدثا في المجتمع الشرقي.. الأول يقول إن السيد نيوت غينقريتش رئيس مجلس النواب الأمريكي السابق مهدد بخسارة ثروته لأن عشيقته كاليستا بيسيك سوف تعترف للمحكمة بتفاصيل علاقتها معه لصالح مطلقته الثانية السيدة ميريان ومن غير المعقول أن يتوافق هدف الفضيحة بين العشيقة والمطلقة ضده ما لم تكونا متفقتين على ذلك.. ما لم يكن هناك مشروع ابتزاز ضده.. ما لم تكن علاقة العشق وقبلها علاقة الزواج قامتا وهما ترسمان الوصول الى هذا الهدف.. ليس هناك عشيقة شرقية "تبيع كل شيء فيها" من أجل هذا الهدف وليس هناك زوجة شرقية تنسى مهمة الأمومة والزوجية ليكون استلاب الثروة هو غاية الزواج.. الخبر الثاني نشرته صحيفة صنداي تايمز البريطانية عن مايكل بورتيللو وزير الدفاع البريطاني في منتصف التسعينات حيث أفاد بأنه مارس تجارب جنسية شاذة وأضاف بأنه فعل ذلك أيضا مع زميله في الحكومة بيتر كيلي ونحن نعرف أن بريطانيا قد اصدرت قانونا قبل عامين تقريبا أو أقل نقصت فيه سن السماح بممارسة الشذوذ.. ان الخبر لم يكن يروي قصة طريفة عن مشرد ضائع في حي سوهو أو يتناول الحياة الرخيصة لمهاجر ملون ضاقت به الحال فلم يجد بدا من ممارسة الشذوذ ليقال إنه نقل تراثه السلوكي معه.. الخبر يتحدث عن قمة المجتمع البريطاني.. عن مسلكية هي في جوهرها مشروعة لكن المسألة في الاعتراض عليها تتعلق بنواح شكلية لا تخاطب مبدأ الممارسة.. في الحقيقة كل عاقل يدرك ان لكل مجتمع تراثه ومؤثراته وسلوكياته وبالتالي فليس بمقدور دارس أو مصطاف أو منتدب عمل أن يعترض ويتدخل فيما لا يعنيه.. هذا أمر مفروغ منه.. عندما لا نستطيع استساغة مثل هذه السلوكيات ولا حتى تبريرها في مجتمعات مفتوحة.. فنونها وعروض ازيائها.. وباراتها وحدائقها جميعها متخمة بعروض الجنس.. نفهم أيضا كيف لا يستطيعون فهم مشروعيات تعدد الزوجات وان "في القصاص حياة لذوي الألباب" وكيف يحيط الرجل الشرقي جسد المرأة الشرقية بمفاهيم من التطهر والنقاء فيحجب مفاتنه عن سهولة الابتذال ويبقيه مثل لؤلؤة ثمينة.. رقيقة.. عطرة.. لا يجوز أن يعلق بها أي غبار فنقاء نعومتها لا يجوز ان تشاع.. الحقيقة.. أولئك.. في الغالب الأكثر.. لا يحاولون فرض شيء علينا.. ولا يحاولون حذف شيء منا.. لكن ورطتنا مع أولئك الذين يريدون "ذبح" كل اختلاف فينا مع الغرب.. إنهم في بعض الأحوال يصل بهم رسوخ الاعتقاد من أننا متحجرون في صلادة تكويننا الخاص حين يواجهون تصرفا شرقيا أو رأيا شرقيا خاصا بنا برجع ابتسامة فاترة أو ايماءة نظرة ماكرة مع بعضهم.. دون كلام.. وكأن ذلك صوت صارخ باليأس من أن نتغير عما يرونه جهلا أو تخلفا فينا..