قالت مصادر من المعارضة السورية إن مقاتلي المعارضة يسعون لإعادة هيكلة قيادتهم على مستوى البلاد أملا في الحصول على تمويل أجنبي لانتفاضتهم المسلحة ضد الرئيس بشار الأسد. وكان التفاوض حول الاتفاقات النهائية بشأن الهيكل الجديد للقيادة لم يزل جاريا مساء أمس الأربعاء في اجتماع سري بتركيا جمع بين وحدات مختلفة من المعارضة طالما شهدت انقسامات عميقة وتناحرات شديدة تحول دون التنسيق فيما بينها. وقال عبادة الأغا الذي يمثل كتائب الصحابة في دمشق إن الهدف هو وضع جماعات المعارضة على مسار يؤدي إلى تشكيل قوة موحدة مضيفا أن الأولوية تتمثل الآن في تشكيل قيادة منظمة يتبعها جميع مقاتلي المعارضة. غير أن غياب جبهة النصرة - وهي وحدة إسلامية متشددة يشتبه في ارتباطها بالقاعدة - عن الاجتماع يهدد بتقويض هذا المشروع. ورغم أن عدد مقاتليها ضئيل نسبيا بالمقارنة مع غيرها إلا أنها واحدة من أكثر القوى فعالية على الأرض وتتمتع بنفوذ متزايد بين مقاتلي المعارضة على مستوى القاعدة. وطالبت القوى الأجنبية التي ألقت بثقلها وراء الانتفاضة المستمرة منذ 20 شهرا بتسلسل قيادي قبل أن تدعم مقاتلي المعارضة. وتشعر هذه القوى بقلق متزايد إزاء تمويل المعارضة بسبب وجود إسلاميين متشددين بالإضافة إلى مخاوف بشأن انعدام الانضباط بشكل خطير. وتزداد الشكاوى من قيام مقاتلي المعارضة بالنهب والخطف والقتل خارج نطاق القضاء. وقال مصدر من مقاتلي المعارضة خلال الاجتماع طلب عدم ذكر اسمه إن معظم جماعات المعارضة شاركت في المفاوضات رغم أنه لم يقدم معلومات مفصلة بشأن الحاضرين. وحاولت جبهة النصرة بالفعل تعطيل تقدم الائتلاف الوطني السوري المعارض الجديد المعترف به دوليا والذي يشرف على المحادثات الخاصة بالتشكيل الجديد لمقاتلي المعارضة. وقال مصدر من المعارضة لم يكشف عن اسمه إن الهيكل الجديد سيتشكل على الأرجح من أربع "جبهات" يقود كل منها ضابط منشق عن قوات الأسد بمساعدة قيادي معارض من المقاتلين المدنيين الذين يشكلون معظم قوات المعارضة. وسيكون هناك أيضا رئيس للأركان غير أن المصدر قال إنه لا يزال هناك نقاش حول الشخصية التي سيتم اختيارها لقيادة مقاتلي المعارضة. علاوة على ذلك سيتم انتخاب عدد من الممثلين لكل "جبهة" ليعملوا قادة محليين ضمن تسلسل القيادة. وقال الأغا إن المعارضة اتفقت على الهيكلة بصورة عامة على ما يبدو مشيرا إلى أن نقطة الخلاف تكمن دائما في المرشحين للمناصب ونوع التمثيل في كل منطقة. وقال المصدر الذي لم يكشف عن اسمه إن هذا التقدم دعمه حضور مستشارين من دول أجنبية. وأضاف أن مسؤولين من تركيا وبعض الدول الخليجية والغربية حضروا الاجتماع غير أنه رفض الكشف عن أسمائهم. رجل يستخدم بندقيته لاصطياد طير كوجبة يأكلها في حي الخالدية بحمص (رويترز) وفشلت عدة محاولات سابقة لتشكيل قيادة للمعارضين. وعجز قادة الجيش السوري الحر عن كسب ولاء الكثير من وحدات المعارضة نظرا لبقاء ضباطه في تركيا واتهامهم بتمويل جماعات المعارضة المفضلة لديهم. وحققت القيادة المشتركة للمجالس العسكرية - التي حظيت بالدعم أو التعاون من وحدات كثيرة لمقاتلي المعارضة على الأرض - نجاحا أكبر قليلا بفضل قدرتها على توفير بعض الأسلحة بل ورواتب ضئيلة للمشاركين فيها. غير أنها ظلت عاجزة عن تحقيق الانضباط في وحدات المعارضة وعن كسب ولاء الكثير من جماعات المقاتلين خاصة الإسلاميين الذين يتمتعون بقنوات تمويل خاصة بهم ويفضلون الحفاظ على استقلاليتهم في الغالب. ويتوقف نجاح المحاولة الجديدة لإعادة هيكلة مقاتلي المعارضة على مدى استعداد القوى الأجنبية لتقديم الأموال أو الأسلحة للكيان المعارض الجديد. وقال الأغا إن الكيان الجديد حصل على دعم أكبر بكثير من مجموعة أوسع من المعارضين هذه المرة ومن ثم فإن هناك فرصة للنجاح. غير أنه أضاف أن السبيل الوحيد لنجاحه هو حصوله على الدعم الخارجي الذي يحتاجه وإلا فإن هذه الجهود ستبوء بالفشل قبل أن تبدأ.