تتمسك معظم شعوب دول العالم بتراثها وهويتها ، ومن ذلك الزي الوطني التقليدي الذي يمثل أحد أوجه الموروث الثقافي، فتراها تسعى للمحافظة على تراثها رغم التطور المتسارع في نمط الحياة الاجتماعية والثقافية ، وتظهر سنة التدافع جلية في سعي القوى العظمى المهيمنة في العالم لفرض ثقافتها وطمس المعالم الثقافية للدول التي تعاني شعوبها من هزيمة نفسية تجعلها سهلة الانقياد والتبعية وتقبل أن تتخلى عن موروثها الثقافي. وشدني في الآونة الأخيرة تدفق أفواج من السياح السعوديين إلى دولة الإمارات الشقيقة ، ولاحظت تضاعف أعداد المسافرين لها سنة بعد أخرى ، واستوقفني أن المسافرين السعوديين – على وجه الخصوص - على اختلاف أعمارهم تخلى جلهم عن ارتداء الزي الوطني المعتاد (الثوب) الذي يمثل الهوية الوطنية الأصيلة للمواطن السعودي ومع أنهم في بلد خليجي مجاور إلا أنك تراهم يتفننون في ارتداء الملابس الغربية و الرياضية بأشكال وهيأت وتقليعات متباينة ، ويستمر الحال طيلة فترة سفرهم فتراهم على هذه الهيئات في الأسواق والمتنزهات والمنتديات العامة الجذابة ولا تكاد تميزهم عن غيرهم من السائحين الأجانب إلا بسحناتهم الشرقية و لهجاتهم المحلية . إلا أنه في ذات الوقت نرى أن المواطن الإماراتي (مثلاً) إذا زار بلادنا أو أي بلد عربي يلاحظ أنه من أشد الناس تمسكاً بارتداء الزي الوطني لبلاده وهو ما يسمى بالكندورة أو الدشداشة. فما الذي دفع المواطن الاماراتي للتمسك بارتداء زيه الوطني وجعله يعتز بلبسه، وجعل من غالب السعوديين مبادرين إلى التخلي عن زيهم الوطني بمجرد خروجهم من البلاد إلى بلد خليجي مجاور تنفق وإياه في عاداتنا وتقاليدنا ؟. من وجهة نظري أن هناك إشكال يحتاج للبحث والتقصي عن أسبابه فالتقيد بالزي الوطني جزء من الهوية والثقافة والتنازل عنه بكل هذه البساطة دون حاجة أو ضرورة دلالة على خلل يحتاج للعلاج سعياً لتحقيق الانتماء والهوية. فنحن نعيش في صراع ثقافي موجه يسعى لاكتساح ثقافتنا الاسلامية وتغييب هويتنا التي يعد الزي الوطني المظهر الخارجي لها فالأمة التي تتخلى عن تراثها ، لن يكون لها أي مستقبل متميز أو قيمة مثالية في عالم تتصارع فيه القوى لفرض اكتساح ثقافتها. *الأمين العام للجمعية السعودية للدراسات الدعوية