لا أعتقد أن النساء يولدن وقد تهيأن ليصبحن نعاجا مستلبة في المستقبل، ولكن المجتمع يهيئ لهن كل السبل ليصبحن كذلك!! كقدر ملزم يعجزن عن الانفكاك منه. في حلقة الأستاذ (داود الشريان) التي قابل بها الشيخ عبداللطيف آل الشيخ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تطرقا إلى كثير من النقاط المهمة والحساسة التي تطال علاقة الهيئة المتوترة مع محيطها، وفي نفس الوقت أغفلت الكثير من القضايا لاسيما تلك المتعلقة بالمرأة. فعند نقاشهم قضية عمل المرأة في الأسواق، أشار رئيس الهيئة أنه من الصعوبة أن تعمل المرأة في محل واحد مع رجل، وخلصا في النهاية (المحاور والضيف) معا إلى انها يجب أن تعمل في محيط نسوي تماما، وان كان ما خلصا إليه هو حل مؤقت ولن يحسم القضية من جذورها فهما أيضا لم يشيرا إلى عدد من النقاط المهمة المتعلقة بعمل المرأة في الأسواق والتي أبرزها: - أن نزول المرأة إلى ميدان العمل رافقه مخاض صعب كان للجهات الدينية دور في تأخيره وتعطيله في بعض الأحيان، ولكن بما أنه أصبح الآن أمرا واقعا بل ضرورة كما أشار الشيخ عبداللطيف نفسه، فيجب من هذا المنطلق أن تقوم المؤسسة الدينية بدورها في دعمه، فلم نسمع إلى الآن فتوى أو خطبة جمعة أو حديثا تلفازيا دينيا يمنحها غطاء الشرعية الدينية ويشجع خطوات المرأة في دربها نحو لقمتها الحلال، ويحذر من تثبيطها ومضايقتها، الآية الكريمة (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)، تؤكد على أن المرأة موجودة في الفضاء العام للقيام بشؤونها وعلى الرجل أن يغض بصره ويهذب غرائزه ويحترم إنسانيتها، وغرائزه المتفلتة هي مشكلته الشخصية وليست مشكلتها التي تعاقب عليها بالإقصاء والحرمان من المشاركة في عمران الأرض. - الأمر الآخر؛ لم يتطرقا في المقابلة لأهمية وجود تشريعات وقوانين لحماية المرأة من التحرش، مع تعريف واضح للتحرش (سواء جسديا أو لفظيا أو حتى نظرة) تهين المرأة وتستبيح عفتها ذلك النوع من القوانين غائب عن الميدان إلى الآن، وكم طالبت بها النساء مرارا وتكرارا أن يرافق نزول المرأة إلى العمل وما من استجابة. - لابد من الفتاة نفسها أن تمد بوعي يساعدها على الانفكاك من ثقافة النعجة وتجاوز الطروحات التي تكرسها كضعيفة ومستباحة، وباستطاعة أي دنيء أن يغرر بها، لأن ثقتها بنفسها حتما ستتعزز عندما تعلم بأنها تسير في درب إيجابي قائم على الفاعلية الاقتصادية والعفة معا. المنظمات العالمية عرفت التحرش (هو كل فعل يستغل ويستهدف المرأة كنوع بعيدا عن احترام قيمتها وكرامتها الإنسانية)، وأول من يجب أن يعي هذا التعريف وأبعاده هي الفتاة العاملة نفسها لتقطع الطريق على كل فاقد للمروءة وبالطبع بوجود الأنظمة والقوانين التي تدعمها، والفضاء العام الذي يحمي نضالها من أجل تمكينها الاقتصادي، وكفاف العفة.