الأيام القليلة الماضية حملت خبرين منفصلين وإن كنت أرى ارتباطهما بشكل جوهري، أحدهما يتعلق بالإعلان عن انطلاق «حملة العفة» بالتعاون ما بين المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالنسيم في منطقة الرياض والرشيد للإعلام تحت شعار «مَن يَسْتعْفِف يُعفّه الله»، فيما حمل الخبر الثاني نبأ بدء العد التنازلي في 18 مدينة وقرية بالأحساء، للاحتفال بزواج أكثر من 1146 شابا وفتاة في مهرجانات للزواجات الجماعية في تلك المدن والقرى. وإن كانت حملة العفة لمكتب الدعوة والإرشاد بالنسيم المقرر انطلاقها في 15 شعبان القادم تهدف إلى تعزيز مبدأ العفة وتعميق مفهومه عبر نشر الوازع الديني بين الشباب، وتوعيتهم وتثقيفهم بالأساليب المناسبة لاحترام المرأة كأخت وأم وزوجة وقريبة واحترام خصوصيتها، وذلك عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: (عِفُّوا عن النساء تَعِفَّ نساؤكم)، الزواج هو أقرب طريق للعفة، فإن كانت حملة العفة تضع إطارا عاما للمعالجة في فلك أوسع، فإن آليات الإعانة على الزواج وتيسيره لاغنى عنها، فكلاهما يتكاملان لتعزيز مبدأ العفة. ولا سيما بعد أن أظهر تقرير صادر عن وزارة الداخلية ارتفاعا كبيرا في ظاهرة التحرش بالفتيات (المعاكسة) في السعودية بنسبة 215% إذ ارتفع عدد القضايا من 1031عام 1426 إلى 3253 قضية عام 1427، ولا أعرف ما إذا كانت النسبة زادت أو قلت في السنوات اللاحقة على هذا التاريخ، ولكن لا شك أنها مازالت موجودة بنسبة ما بقدر يستدعي المواجهة، وتركيز الحملة على التوعية بالأساليب المناسبة لاحترام المرأة كإحدى الوسائل لمكافحة التحرش على طريق تعزيز مفهوم العفة هو أسلوب معالجة عام وشامل، ولكن مثل هذه الأساليب تحتاج جهودا طويلة الأمد، يتم خلالها العمل على أكثر من مسار وتشمل أكثر من منطقة لتحقيق هدف الحملة وهو العفة وليس بالضرورة من خلال الحملة نفسها، وتيسير الزواج والإعانة عليه والتي تقوم به لجنة الزواجات الجماعية في الأحساء يدخل بشكل مباشر في أهداف حملة العفة كون الزواج هو أقرب طريق للعفة، فإن كانت حملة العفة تضع إطارا عاما للمعالجة في فلك أوسع، فإن آليات الإعانة على الزواج وتيسيره لا غنى عنها، فكلاهما يتكاملان لتعزيز مبدأ العفة، ولا شك أن تمكن المهرجانات الجماعية في الأحساء من تزويج أكثر من 25 ألف شاب وفتاة، والإسهام في خفض تكلفة الزواج من 70 ألف ريال إلى أقل من 20 ألف ريال، إنجاز يحسب لها، مع الأخذ في الاعتبار أن الإطار العام للمعالجة تأثيره أعم وأشمل وأعمق وأجدى، وإن كان الحل المباشر – عبر مهرجانات الزواج الجماعي- تأثيره أسرع. وفي كل الأحوال فتلك النماذج تحتاج منا تسليط الضوء عليها، ودعم عملها ، لإعانتهم في تحقيق أهدافهم، فما أحوج شبابنا في هذه الأيام لمن يعنيهم على أن يعفوا أنفسهم، إما بالزواج لمن استطاع، أو مساعدة من لا يستطيع بالحرص على العفة وغض البصر والسلوك القويم، وهنا يجب إدراك أن العفة، ليست منفصلة عن السياق التربوي والبناء الاجتماعي داخل الأسرة، فلن تتأتى العفة ما لم نحسن تربية أبنائنا كما حثنا ديننا الحنيف، كذلك على المجتمع بشكل عام تيسير سبل الزواج وعدم المغالاة في المهور، وعلى وسائل الإعلام القيام بدورها في دعم أفكار تلك الحملات، نسأل الله أن يعف شبابنا وبناتنا، وأن يوفق الجميع إلى ما يحبه ويرضاه. [email protected]