الذي يظن أن مجال الأندية الرياضية في بلادنا رياضي فقط، أو يظن أن أغلبها ألعاب ومناشط رياضية فحسب فقد جانب الصواب في هذا الظن الذي هو في تصوري أن غالبية المتابعين للرياضة قد طغى هذا التصور على أذهانهم منذ نشأتهم على حب الرياضة واللعب الجبلّي في كل إنسان قد عاش بين زِقاق حارته وحواريّ أهل حيّه، والأسباب كثيرة، وأقتصر على سبب واحد في ذلك وهو أنه يعود إلى مسؤولي الأندية سابقاً ولاحقاً وإعلامنا الرياضي يأتي بالدرجة الأولى في مراتب الأسباب إذ أنهم تجاهلوا وهمّشوا الجوانب الأخرى التي أُنشئت من أجلها الأندية، فلو أمعنتَ نظرك وصوّبته في لافتة أيّ نادٍ وهويّته الإعلامية لقرأتَ بعد تاريخ تأسيسه (رياضي وثقافي واجتماعي) فأين الثقافي والاجتماعي من مناشط النادي إذاً!؟ حضرتُ قبل أكثر من عقدين من الزمن تقريباً حين أقامت اللجنة الثقافية في نادي التعاون في مدينة بريدة محاضرة للدكتور محمد قطب وكانت وسط المستطيل الأخضر وقد فُرشت البُسط في وسطه لكثافة الحضور آنذاك وتحدث عن التربية ومجالاتها ولاقت استحساناً من وجهاء المنطقة ومثقفيها وأبقت أثراً وتأثراً في نفوس الشباب اليافعين والحاضرين والمنطقة جمعاء، وقبل عامين تقريباً أعدت اللجنة الثقافية في التعاون مسابقة ثقافية ضمن برامج مهرجانات المنطقة الصيفية، كلُ هذا شيء من قليل بالنسبة للمجالات الأخرى وما تصرفه النوادي على منتسبيها ومحترفيها، وفي نهاية دوري زين لعام 2009 م في بادرة مباركة من رئيس نادي الرائد أعلن عن إقامة مسابقة لحفظ القرآن الكريم شملت فروعاً خمسة ضمت القرآن بأكمله شارك فيها طلاب التربية والتعليم بشتى مراحله التعليمية وتجاوزت جوائز المسابقة المائة ألف ريال وأقيمت تصفيات الحفل في مقر النادي وحضره عدد كبير من الدعاة ووجهاء البلد، واستبشر الجميع عندما أعلن رئيس النادي أنها ستكون سنوية، إنها سُنّة حسنة في حال استمرارها أو انقطاعها، فما ذكرت على سبيل المثال لا الحصر ففيه أندية أقامت مسابقات ثقافية واجتماعية شجّعت وحفّزت الشباب على ذلك وعالجت كثيراً من المشاكل والآثار السلبية الناتجة من المخدرات والمسكرات والدخان. نادي الشباب كمثال فإنه لم يُغفِل هذا الجانب فلا يمر الموسم إلاّ وقد أقام مثل هذه البرامج ما استفاد على مثله الشباب بشتى أطيافه وألوانه مرة أو مرتين فجزا الله القائمين عليه خير ما جازى عامل على عمله، وما دعاني لكتابة هذه الأمثلة وهذا المقال إلاّ عندما رأيت ورأى غيري أن الصدود عن الاحتراف الحقيقي في المجال الثقافي والاجتماعي يكاد يكون منعدما أو مُفتَقراً لدى كثير من الأندية بل لم يفكّروا فيه أصلاً وليعلم الجميع أن المجال الرياضي في الأندية ثالث ثلاثة ليس إلاّ ! وفي ظل غياب الثقافة والوعي لدى كثير من اللاعبين يحصل لا أقول كوارث طبيعية بشرية بسبب التعامل ولكنها أخطاء قد تكون لقلة التثقف والتعليم، وهنا يأتي دور المجال الثقافي في الأندية وكيفية إعطاء اللاعبين دورات ثقافية دينية بحيث لا يصدر منهم شيء أو علامات أو عادات تخالف ديننا الحنيف التي أُسّست وقامت مملكتنا الحبيبة عليه وعلى هدي دين خير البشر عليه الصلاة والسلام، والجميع يعلم مدى تأثير اللاعب على مشاهديه صغاراً وكباراً وهذه مكانة اجتماعية لا تحصل إلاّ لشريحة قليلة في المجتمع فاللاعب من أهم تلك الفئة فيأتي دور إدارة الأندية في تفعيل دور المجال الاجتماعي في النادي وإظهار اللاعب بصورة تأثيرية أو مشهد إيجابي ليكون عضواً فعّالاً له تأثيره وأثره في المجتمع المرئي والمشاهد مبتعداً عن ما يشوب دينه بشيء الذي هو المربح الفعال والفوز العظيم، فكم شاهدنا وسمعنا من كلمة أو حركة قالت لصاحبها دعني وكم رأينا من تصرف أغرق العين بالدموع.