كانت «الرئاسة العامة لرعاية الشباب» في السابق ومن خلال أنديتها الرياضية المنتشرة في أرجاء مملكتنا الحبيبة، تعنى وبصورة فائقة بالجانب الثقافي بجانب الشأن الرياضي، وكنا نلحظ على لوحات الأندية المثبتة فوق أبوابها الرئيسة وتحت اسم النادي، عبارة (رياضي. ثقافي. اجتماعي). وبالفعل تقوم معظم الأندية آنذاك بفعاليات ثقافية متنوّعة جذابة، وكنا في «الزلفي» تحديداً، ومن خلال ناديي طويق ومرخ نحظى بمثل هذه النشاطات من خلال الحفلات في الأعياد وغيرها، يستقطب لها مشاهير الشعراء والفنانين وتُحيا الليالي بالسهر البريء على وقع المسرحيات وما في فلكها، حتى كانت مقار الأندية على تواضعها محاضن تربوية ممتعة، يقضي فيها الشباب أوقات الفراغ، بعيداً عن مظان الفتن والضياع، لكننا في الآونة الأخيرة لم نعد نجد هذه العبارة على لوحات الأندية ولا أدري من سرقها، هل هو عملية الاحتراف الذي لم يرفع من مستوى كرة القدم، بل العكس، ويبدو أننا لم نحسن استغلاله كما ينبغي، بدليل ما نشهده من مستويات متدنية ومخيفة جداً (ما علينا). الفعاليات الثقافية في أغلب الأندية لم يعد لها وجود بالمرة، وبات التركيز على لعبة القدم على حساب الشأن الثقافي والاجتماعي، لم نعد نسمع في هذا الإطار وبشكل فاعل وإيجابي، سوى نادي الشباب، الذي أظن أنه كسب الرهان وبات علامة فارقة ومضيئة في جبين الرياضة لدينا، وبماذا يا سادة يا كرام، صار نموذجاً فاعلاً في عدة مجالات، فارساً في لعبة كرة القدم، وفي ألعاب أخرى، لكن الأهم وهو المراد من هذا المقال، تميّزه وتفرّده بالعناية بالقرآن الكريم من خلال المسابقة السنوية التي يقيمها ويشرّفها أصحاب الفضيلة العلماء الكرام، الذين هم فخورون بمبادرة هذا النادي والتي تأتي في إطار اهتمام الدولة حرسها الله بالعناية بكتاب الله عزَّ وجلَّ، وكثيراً ما يشيد بها سماحة مفتي عام المملكة وغيره من وجهاء المجتمع المعتبرين. وجدت هذه المسابقة القبول والتشجيع والإشادة من الجميع بمختلف ميولهم الرياضية وغير الرياضية، لاختصاصها بأمر يجد الدعم غير المحدود من القيادة، لا شك أن القائمين على هذا النادي بدءاً برئيسه الفخري، وبرئيسه المشرف العام على المسابقة، ومسئولي النادي، أدركوا أهمية هذا الجانب، وجنوا ثماره، ورأوا أن التنافس ليس مقصوراً على الجانب البدني فحسب، بل إن أهم وأغلى وأقدس التنافس، ما كان في كتاب الله {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَفَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} لما فيه من تهيئة النفوس والقلوب وبث الطمأنينة فيها {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، وهذه المسابقة في نظري تجسّد الدور الريادي للنادي في خدمة الشباب والمجتمع، وتأتي في خضم الأنشطة الثقافية والاجتماعية المتنوِّعة التي يضطلع بها، من مسابقات وأمسيات وندوات ومسرحيات هادفة ومعارض متنوّعة وورش عمل، كل ذلك لم يؤثِّر على مستواه الرياضي المتفوِّق، حتى حظي بلقب النادي المثالي، وهو بهذا العمل الجليل ينسجم مع توجهات الدولة - حفظها الله- كما أسلفت، ويتنافس مع الجهات الأخرى الحكومية، التي تنظّم مثل هذه المسابقات الشريفة، لذا فهو مثال جميل وحي يحتذى، ولم أكن مخطئاً لما راهنت عليه في التسعينات الهجرية وهو يقدّم مستويات رياضية غير مرضية في ذلك الوقت، وقلت إن المستقبل المشرق لهذا النادي، والحمد لله لم تخب توقعاتي... ودمتم بخير. [email protected]