لم يدعّم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة حملة الانتخابات المحلية التي انتهت أمس بعد 21 يوما تنافس فيه المترشحون للمجالس البلدية والولائية من ممثلي 52 حزبا من الموالاة والمعارضة على تزيين قوائم وعود ألفها الجزائريون عشية كل موعد انتخابي لكنها تتبخّر بمجرد وصول هؤلاء إلى الكراسي لعل أهمها أزمة السكن والبطالة التي تراوح مكانها في الجزائر منذ سنوات. ولم يخرج الرئيس بوتفليقة مثلما فعل في تشريعيات مايو الماضي ليدعو الجزائريين إلى الانخراط بقوة في العملية الانتخابية المقررة في 29 نوفمبر تشرين الأول الجاري فالرئيس الجزائري لم ينزل إلى الميدان طيلة فترة الحملة التي انطلقت في الرابع من الشهر الجاري ولم يتنقل إلى أي ولاية ولم يرع أي فعالية مثلما كان الحال خلال التشريعيات السابقة التي استغل فيها بوتفليقة خرجات ميدانية قادته إلى ولايات داخلية ليدعو الجزائريين إلى المشاركة في الاستحقاقات بل وشبهها ب"ثورة الفاتح من نوفمبر " وحذّر الجزائريين من مغبة عدم التوجه إلى الصناديق وتحدث عن "خطر تدخل أجنبي" قد يحدق بالبلاد في حال لم تجر التشريعيات بالشكل المرغوب فيه. وتربط تعاليق المحللين ما اعتبر على أنه عدم اكتراث من القاضي الأول في البلاد بالاستحقاقات المحلية بالسياق الإقليمي الذي جرت فيه التشريعيات الماضية التي تزامنت مع أحداث الثورات الداخلية التي شهدتها دول الجوار القريب مثل تونس وليبيا وخشية السلطات في الجزائر أن ينزلق الشارع الجزائري باتجاه الفوضى وهو ما جعل بوتفليقة يستغل خطابين وجههما للجزائريين في عّز حملة التشريعيات ليستجدي الشباب الجزائري للمشاركة في الانتخاب فيما أحجم عن فعل ذلك في المحليات الراهنة بعدما مرّت عواصف الجوار بسلام على الجزائر رغم أن ميزة الاستحقاقات المحلية هي علاقاتها المباشرة بالمواطنين الذين ظلّ الرئيس بوتفليقة منذ وصوله الحكم العام 1999 يرافع من أجل حياة كريمة للجزائريين من خلال شعار "العزة و الكرامة" الذي صار يرافقه في كامل حملاته الرئاسية. وعكست القاعات الفارغة، والملصقات التي تعرضت للتقطيع والتشويه، والمساحات الإشهارية التي ظل بعضها فارغا من صور المترشحين حالة اللامبالاة التي صار يتعامل بها الجزائريون مع المتسابقين على كراسي المجالس المحلية ل 1541 بلدية باتت جميعها تقريبا رديفة للفساد والنهب والثراء غير المشروع و البزنسة. ولم يمنع واقع الحال هذا وزير الداخلية الجزائري من استشراف نسبة مشاركة في محليات 29 نوفمبر الجاري تترواح ما بين 40 إلى 45 % بل واعتبر دحو ولد قابيلة أن أي قطيعة محتملة للمحليات فإنما هي "قطيعة بين المواطن و الأحزاب و ليس قطيعة بين المواطن والإدارة". وظل خطاب الأحزاب المعارضة للسلطة ممن شاركت في الحملة الانتخابية ترشق السلطة بشتى أنواع التهم على رأسها تسخير الإدارة العمومية لخدمة أحزاب الموالاة حزبي "جبهة التحرير الوطني" التي يرأسها شرفيا الرئيس بوتفليقة و"التجمع الوطني الديمقراطي" الذي يقوده رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي "المسيطران سلفا على البرلمان".