بعض الفوضى قد يسمح لك ببناء مساحة من الحياة غير التقليدية، وبعضها يجعلك تتجاوز تلك الخطوط الحمراء الوهمية التي اعتادت على إقامة السدود أمام أيامك المفتوحة.. لست بمعزل عنها.. ولكنك استمتعت كثيراً بقص وانتزاع جميع لوحات الطرقات التي توصلك إليها.. انسجمت، مع أعراس البلادة وهي تهطل عليك وتغمرك برتابتها.. تناغمتَ مع كل ما هو إلحاحي.. يكرس الوتيرة الباهتة، ويحاكي الوجوه الجامدة.. أقمتَ وأسست كل تلك الإشارات الحمراء مصراً أن الاشارة الخضراء دائماً ما تتجاوز تعليمات الرقيب.. ولا تعتني بما يقول.. بل وقد تتجاوزه بحدة قاسية.. تعطشتَ تدريجياً للفوضى.. وكأنك تسعى إلى كسر حاجز جبار فُرض عليك.. حاجز اعتقدتَ أنه هو من سيشبع حالة التناغم لديك.. وهو من سيبهج ملامح الحياة.. ويركّز على ما تريده وهو ما قد يتعاكس مع ما يريده الآخرون.. تعتقد جازماً أنك تعرف عالمك.. وتعتقد أنه رغم محدوديته إلاّ أنه يعج بتفاصيل ما تريده.. إحداهن قالت لك.. إنك تعيشين خارج ما نحن عليه! ماذا تعني بخارج ما هنّ عليه؟ هل هي عليه تستطيع أن تعيش به؟ هل من الممكن ان يشكل ملاذك وسياجك اللذين من الممكن أن لا تعرفي التعامل معهما؟ تلك الثغرة الصغيرة والتي ظلت معك وعشتِ معها تاركة كل الأشياء هي من أثارت حفيظتها، واعتبرتها الحاجز الأقوى لايقاف سيل الحياة الاعتيادية، تلك الثغرة الحياتية، والتي قد لا تثير أحداً، وتدرك أنت أنها امتداد لما يُعتقد أنه ثغرات تقليد من لديك.. وغير تقليدية لغيرك، فتحت الباب لمن يعتقد أنك تترك كل الأشياء الجميلة من وجهة نظرهم إلى كل ما هو كئيب ويفتقد اللمعان.. إلى كل ما هو مسكين ويقترب من الترمد.. بعيداً عن ما هو مشتعل وحارق.. هي أرضك وعالمك لك أن تتخيله وترسمه كما تشاء، المهم أنك تعرف كل الأمور داخله.. وتعرف أين تختبئ عندما تحين اللحظة.. بمعنى آخر لك مداخله ومخارجه بإرادتك ووعيك وهواجيسك.. وذاكرتك.. هو ظلالك التي تفيء إليها.. ومكان الحياة الذي أدمنته وهو أكثر الأماكن تفرداً كما تعتقد.. دون سخرية أو استغراب.. ومع كل ذلك تجد نفسك تصغي بهدوء.. وتستمتع مجاناً بما قاله.. وكأنه صوت من المستقبل دون اندهاش.. طلب منك أن تجتاز الشاطئ الذي أرهقته من الوقوف عليه.. هل تستطيع.. وهل مثلك يتغير.. وبالامكان تغييره؟ هل يُفترض أن تجرب عوالم الفوضى، أو أن تبتعد عنها حتى لا تدفعك إلى مكان لا يخرج عن دائرة خيار الآخر وليس خيارك؟!