أعاد شبان «الأخضر» الصغار بأعمارهم الكبار بعطائهم داخل الميدان خلال مواجهتهم الودية الكبيرة أمام أبطال التانجو الأرجنتين بعد مباراة مثيرة قدمها»الصقور الخضر» أعادوا شيئاً من بريق «الأخضر» الخافت منذ فترة طويلة، وبعد سلسلة متلاحقة من الإخفاقات التي قذفت بالكرة السعودية خارج قائمة المنافسة على اللقب القاري، والترشح لنهائيات كأس العالم لكرة القدم بعد أن كانت تحمل الرقم الأول، والحجز المؤكد لأربع منافسات متتالية حينها كان»الأخضر» يبسط نفوذه على الساحة الآسيوية،والكل يحسب له حساب البطل المتوج عطفاً على ما يمتلكه من سمعة كروية كبيرة نتيجة امتلاكه سجلاً شرفياً مليئاً بالمنجزات، والأرقام الفلكية التي يصعب الوصول إليها فضلاً عن تجاوزها ناهيك عن ما يمتلكه من أسلحة عالية الجودة تتمثل في مواهب متعددة في كل خانات اللعب تتنافس مع بعضها سعياً للوصول للمقعد الأساسي في القائمة الرئيسة التي كانت محط أنظار جل اللاعبين في مختلف أندية الوطن يسعون بقوة للوصول إليها، ويركضون بحماس منقطع النظير بغية إثبات الوجود عند بلوغها رغبة في نيل شرف تمثيل الوطن في مختلف المحافل، والمناسبات. الحضور الجماهيري العريض الذي ملأ مساء الأربعاء الماضي مقاعد درة الملاعب والذي تواجد منذ وقت مبكر رغبة في الاستمتاع بإبداعات أبطال»التانجو» إلا أنهم ذهلوا أيما ذهول من عطاء صغار المنتخب السعودي الذين منحهم فرانك ريكارد الفرصة كاملة فكانوا عند حسن الظن فقدموا كل ما لديهم من إبداع كروي بثقة متناهية لم يهزها تواجد أسماء عالمية كبيرة لها خبرتها العريضة، وباعها الكروي الطويل والتي ظلت تتفرج على اللمسات الفنية الساحرة التي نقلت المستديرة على أقدام صغيرة داخل المستطيل الأخضر بفنون متلونة كان شعارها»كرتنا جميلة» أطربت الحاضرين في الملعب،والمتابعين خلف الشاشات الذين صفقوا لهذا العطاء اللافت. ثمة مكاسب عديدة لا يمكن أن تخلو منها مواجهة كتلك بذات القيمة العالية عطفاً على قيمة الفريق المقابل،ومكانته العالمية الكبيرة لعل الأبرز من هذه المكاسب: إعطاء الفرصة لمجموعة شابة شاركت بفاعلية، وأثبتت أحقيتها البالغة وأكدت أنها أهل للمسئولية، وقاتلت من أجل شعار الوطن واستماتت لأجل ذلك بروح عالية. الأمر الآخر هو خوض تجربة هامة كهذه يعطي اللاعبين جميعهم الفرصة للاحتكاك بنجوم كبار لهم قيمتهم في المحفل العالمي من خلال منتخبهم العملاق أو من خلال فرقهم ذائعة الصيت على مستوى العالم، ولن يخلو مثل هذا الاحتكاك من فوائد متعددة لا يتسع المجال لحصرها أهمها الاستفادة من خبرات هؤلاء النجوم، وزوال الرهبة عند مواجهة الفرق الكبيرة، ولن نصفق مهللين عودة المنتخب من خلال تجربة واحدة كتب لها النجاح العريض، ولكننا حتماً سنستبشر ثم ندعي بأن تكون هذه من الخطوات أو حتى الخطوة الأولى في طريق التصحيح التي تعيد توهج الكرة السعودية. مع يقيننا التام بأن هناك العديد من الأخطاء الفنية وحتى الإدارية الواضحة التي تحتاج لتدخل جراحي عاجل يقضي على بعض الأوجاع المبرحة التي أعطبت جسد المنتخب السعودي، وعطلت مسيرته الزاهية التي كانت مضرب المثل ولا زال الجميع ينتظر العديد من المواجهات الدولية المقبلة التي ستعطي المنتخب السعودي الثقة بنفسه ليعود فريقاً كبيراً.