بات واضحاً وبصورة لا تشويش فيها أن ثمة من سعى ولا زال يسعى لوضع العصي في دولاب حركة التصحيح التي يشهدها الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي يعيش في الوقت الراهن ولادة تجربة ديمقراطية لم يشهدها منذ أن تأسس، وهي عملية انتخاب كامل أعضاء مجلس إدارة الاتحاد من خلال جمعية عمومية منتخبة هي الأخرى، بعد عقود عاشها ما بين تعيين لكافة أعضائه، أو تعيين نصفهم بمن فيهم الرئيس وانتخاب الجزء الآخر. هذا الحراك التخريبي ليس وليد الانتخابات الجزئية التي تمت لتشكيل الجمعية العمومية للاتحاد، وإن بدت جلية في هذه الأثناء، وإنما بدأ مع تعيين أحمد عيد رئيساً للاتحاد المؤقت؛ إذ بدا واضحاً أن المخربين لم يرق لهم أن ينجح عيد ومعه الأعضاء المنتخبون في مهمته خصوصاً وقد بدا واضحاً أن عيد ومنذ الأيام الأولى لجلوسه على كرسي القرار بدأ بتحييدهم بأشكال متنوعة، إما بسحب صلاحيات كانت ممنوحة بلا حسيب أو رقيب، أو بتقييد عمل كان مطلقاً دون أي قيد أو شرط، أو عبر تفكيك لمناصب كانت تقبض على ناصية القرار في الاتحاد، أو من خلال عملية إقالات شكلت ضربة قاصمة لبعض المتنفذين في الاتحاد السابق. في هذا السياق ليس سراً الحرب المكشوفة بين أحمد عيد وفريقه من جهة والدكتور ماجد قاروب وفريقه من جهة أخرى، والتي بدأت تطفو على السطح منذ القرار المفاجئ والجريء الذي اتخذه عيد يوم أن أصدر قراره بإقالة قاروب من منصبه كمستشار قانوني للاتحاد، ومن منصبه كرئيس للجنة القانونية، مع إبقائه في منصبه كرئيس للجنة الانتخابات تحت ذريعة التمسك بمبدأ العدل والنزاهة والشفافية والتكافؤ في الفرص، والذي على إثره أصدر قاروب بيانه الشهير والذي أكد فيه على عدم شرعية الاتحاد المؤقت، وعدم قانونية إقالته، وكاشفاً عن مخالفات قانونية وتدخلات غير شرعية قام بها عيد، ملوحاً في الوقت نفسه بفضح هذا الواقع لدى المراجع الدولية في الاتحاد القاري والدولي، قبل أن يعلن استقالته من رئاسة اللجنة العامة للانتخابات. هذه الحرب المستعرة لم تقف عند هذا الحد وإنما ألقت بظلالها على الأمور داخل اتحاد الكرة خصوصاً مع موجة الاستقالات الجماعية التي تمت من مجموعة القانونيين العاملين في لجنتي الانضباط والقانونية والتي اصطلح البعض على تسميتهم ب"القاروبيين"، والتي تبعها تصدير بيانات ونشر تصريحات كلها تحمل بقسوة على عيد والاتحاد المؤقت، والأعظم من ذلك تسريب خطابات سرية لجهات إعلامية محددة الهدف منها إحراج عيد، ما جعل كثير من أبناء الوسط الرياضي في أحاديثهم الداخلية يجزمون بوجود شبكة تسعى بقوة للإطاحة بأحمد عيد، وإرباك العملية الانتخابية بل ونسفها من أساسها. آخر تلك التسريبات ما تم في موضوع الخطاب المرسل من (الفيفا) والذي جاء قبل ساعات من اجتماع الجمعية العمومية، حيث قيل بأنه يؤكد على بطلان النظام الأساسي للاتحاد، ويطعن في شرعية الجمعية العمومية المنتخبة مؤخراً، وهو ما جعل أحمد عيد يخرج محتداً على غير عادته ليؤكد بأن في الخطاب عبارات مجتزأة تفضح دوافع التسريبات، وتكشف زيف ادعاءات المتمترسين خلف دروع الوطنية بحسب قوله، قبل أن يخرج محمد القدادي المتحدث الرسمي باسم لجنة الانتخابات ليقول بالفم الملآن: "إن التسريب عمل ضد الوطن والعملية الانتخابية والأجواء الصحية"، قبل أن يؤكد بأن "القاروبيين" هم من يقفون خلف ذلك بشكل علني ومكشوف، وهو ما يؤكد بأن تلك الحرب ستظل مستعرة حتى يسقط أحد الطرفين عيد أو قاروب، أو يسقط اتحاد الكرة على من فيه!