الحماقة وقلّة العقل من الغرائز التي لا تنفع فيها الحيلة، وليس لها دواء إلا الموت، يقال: "إذا بلغك أنّ غنيا افتقر فصدق، وإذا بلغك أنّ حيّا مات فصدق، وإذا بلغك أنّ أحمق استفاد عقلا فلا تصدق"، و" ثلاث صدّق باثنتين ولا تصدق بواحدة، إن قيل لك إنّ رجلا كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدّق، وإن قيل لك إنّ رجلا فقيرا خرج إلى بلد فاستفاد مالا فصدّق، وإن قيل لك إنّ أحمق خرج إلى بلد فاستفاد عقلا فلا تصدّق". ولذكر قصص الحمقى بعض الفوائد، فلعل العاقل يذكر نعمة الله عليه فيشكره سبحانه وتعالى على ما وهبه من العقل، كما أنّ قصصهم تروّح عن النفس حين تملّ من الجدّ. يحكى أنّ أحمق سمع قائلا يقول: ما أحسن القمر، فقال: أي والله، خاصة في الليل. وجاء رجل إلى قاص وهو يقرأ وصف عذاب الكافر يوم القيامة حين يُسقى من ماء صديد: " يتجرّعه ولا يكاد يسيغه" فقال: اللهم اجعلنا ممن يتجرعه ويسيغه. ومن فوائد قصص الحمقى حثّ العقلاء على اتقاء أسباب الغفلة حين لا تكون مجبولة في الطباع، فكما قيل: ليس من أحد إلا وفيه حمقة يعيش فيها، وبعض الحمق أهون من بعض، خذ على ذلك هذا المثال، " قال معاوية لرجل من اليمن: ما كان أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة! فقال أجهل من قومي قومك الذين قالوا حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" ولم يقولوا: إن كان هذا هو الحقّ من عندك فاهدنا إليه! * محاضرة في اللغة العربية