أثناء محادثتي لأحد الأصدقاء إلكترونيا فاجأني بنبرته الحزينة قائلا: يا أبا حاتم ليت أمنياتي تصدق هذه السنة وأحقق منالي ورجائي الذي طال انتظاره. سألته بذهول ما أمرك ياصاح. قال ليت لي مكتبة أجمع الفرائد من الكتب وأتجول في ثقافاتها وأستلذ بمعانيها أبحر بها شرقا وغربا جنوبا وشمالا، ألوذ بها عن الهموم والوجع لأستريح بين أفيائها تاركا لهو الكلام وعبثه الذي ينضح بالسفاسف والقلاقل. استطرد في حديثه قائلا: سأبحث جلياً عن بعض كتب النقد الأدبي القديم التي لم أجدها ولكني طلبتها من صديق آخر في دولة مجاورة ليأتي لي بها لأنها تخصصية أكثر من عموميتها، بدأ يجمح بالكلام عن الكتب وفنونها وأنا مستغرق في نفسي الحائرة وأقول انظري يا نفس إلى همه وشغله الشاغل أضحت تلك الكتب من أبلغ همومه وأجداها، بينما هناك الكثير من هو منصرف عنها ولايدري أهي تعمر العالم أم لا. ليت يا صديقي نملك الكثير من أبناء جلدتك لكي ينعم الملأ بالقراءة وعمارة المكتبات بكل تؤدة ومثابرة. إن هذه المحادثة العاجلة هي رسالة صريحة إلى ناشئتنا في أن يكبح جماحه قليلا، ويحاول أن يعمق علاقته مع الكتاب ويصادقه ولو لمرة في الأسبوع ليشاهد الفرق الذي يحدثه في نفسه. أما إنشاء المكتبات المنزلية دعوها في مرحلة متقدمة من حب الحروف ونهجها فكل يوم يمرّ دون مطالعة لها سيفقد عقلك وقلبك شفافية الإقبال عليها فلا تدع هذا الكتمان يعبس عليك بل حاول أن تكون هُماما وتسمو بنفسك لها وتجعلك من مصادر الفرح والإسعاد. وأنت ياصديقي العذب أتمنى أن أكون أداة وصل لنشر حبك لهذه المكتبة لعلني أجد من يبادلك ذلك التناغم وتكونان عوناً لبعضكما في هذا الجموح الجميل.