العراق بلد مخترق ومفخخ من قبل الوالي الإيراني الذي جعله فرعاً للأصل، ومحاصراً بثورة سوريا التي تحمل روح الأكثرية السنّية، والتي صارت كابوساً وشبحاً يتحرك في عمق العراق، وهذا البلد المرتهن لسلطة أحالته لعنف تبرز فيه أصابع الدولة وتنسبه للقاعدة، أو مجهول بهدف جعل الشعب في حالة رعب دائم ولا يفكر إلا بسلامته وهو الأسلوب الذي تستعمله الحكومات القمعية، وإلا كيف تحول الأمن إلى حالة فوضى مع أن السلطة أخذت دورها الزمني، وكان المفترض أن تكون استكملت أجهزتها العسكرية والأمنية لكن اللعب على وتر الطائفة، ومحاولة نفي التشكيلات الاجتماعية الأخرى أغرقها بحالة من الفوضى المنهجية.. فمن ينادي بالمحاصصة وفقاً لنظام تعددي ديموقراطي يتم عزله أو تدبير تهم تدفع به إلى السجن، أو النفي حتى أن محاولة جمع الفرقاء والخصوم من أجل الحوار وتلافي الانقسامات فشلت، بل صار التحالف بين حزب السلطة والحزب الكردي مهدداً بالانفصال بسبب رعونة مسؤول في حكومة المالكي، وصف البرزاني بالخطر على العراق، وهو ما أثار حفيظة الطرف الآخر ورد بنفس الانفعال، أي أن مفهوم المشاركة صار مجرد مفاهيم تفسرها الدولة باتجاه احتكار السلطة لا توسيعها وشمولها كل الأطياف.. فالعراق الذي مر بالانقلابات، وقبلها ما يشبه الاحتلال البريطاني ثم التحالف مع المنظومة الاشتراكية، فالاحتلال الأمريكي، فالدولة الطائفية، وهذا التدرج خنق العراق، والادعاء الآن بأنه ديموقراطي مفهوم لا حقيقة له أي أن نزعه الهيمنة لفئة واحدة نفي حقيقة وجود هياكل دولة يصدق عليها هذا التوصيف.. فعراق بدون جهاز أمني، ولا جيش إلا بما تركته أمريكا من بقايا أسلحتها واستئذانها التسلح من روسيا، وأربعين في المائة من شعبه لا يشربون الماء النظيف، ومثلهم لا يتمتعون بالكهرباء ونسبة من المواطنين تحت خط الفقر، وتذهب الأموال لدعم نظام الأسد خشية أن يختل توازن العراق وإيران وحزب الله في حال سقط النظام، وأوهام أن الضمانة لحكم العراق بقاء النظام السوري يؤكد هشاشته وعدم اتكائه على قاعدة وطنية تحميه، ثم كيف أصبح العراق ساحة عبث يتم تفجير مواقع كثيرة، لولا أن التسيب الأمني، وصل إلى حالة خطيرة، ويكفي أنه أثناء عقد القمة العربية ببغداد، والذي حضرها المندوبون أكثر من الرؤساء، إقفال جميع المنافذ والطرق، وأعلنت حالة طوارئ شاملة، وهو ما لم يحدث بأي عاصمة عربية استضافت القمة بدون هذه الترتيبات.. البلد غني بموارده وشعبه وتراثه، لكن التحول من دولة صدام الدكتاتورية إلى دولة المالكي الطائفية، لم تغير أي شيء، إلا أن الأمن زمن صدام كان أكثر تماسكاً، بل إن إيران أصبحت من يقوم بإدارة النظام، وهي تسعى منذ أزمنة طويلة تحقيق تحالف المذهب فكان المالكي من حقق النبوءة، لكن إيران تعيش واقعاً أسوأ لأن مأزق المقاطعة بات يضعها على خط الانفجار، مما يؤثر على العراق ويؤزم أوضاعه للأسوأ..