(الصرة العثمانية) وقبلها (الصرة اليونانية) واعتقد ان الصرة وتعني في اللغة قطعة القماش التي يجمع فيها المال ثم تربط، مسمى حجازي ويقصد فيه تلك المخصصات السنوية التي ترسل من اسطنبول أو مصر إلى القدسومكةوالمدينة بالاضافة إلى صرة (العربان) وهي القبائل القاطنة على طريق الحج الشامي مقابل تسهيل مرور القوافل وتشمل أيضا حراس القلاع والأبراج وبرك تجميع المياه وهناك صرة أكابر مكة وسبق استعراضها في حلقة ماضية ومثلها مخصصات الفقراء والمعدمين التي كانت بمثابة ما يعرف لدينا بالعوائد السنوية والتي تصرف لبعض الفئات. وفي سنة 1814 م بحسب المستشرق بيركهارت ( رحلات إلى شبه الجزيرة العربية ) فان صرة المدينة صرفت في فترة من الفترات لفئة معينة على حساب الفقراء المعدمين فتسببت في ظهور جيل من الكسالى المعطلين بالمدينة وساهمت في تعطيل صناعات واعمال مهنية وحرفية هامة بالمدينة قال عنها : يأتي الدعم الاساسي ( للمدينة ) من المسجد والحجاج. لقد سبق وذكرت الفراشين أو خدام المسجد وأرباحهم، واليهم يجب أن نضيف عددا كبيرا من الاشخاص المرتبطين بالمسجد، وتقوم وظائفهم على عدم القيام بشيء، وهم يشاركون في دخل الحرم إلى جانب سلسلة كبيرة من الادلاء أو المزورين، وكل مالك منزل تقريبا، الذي يؤجر شققا على الحجاج . وفضلا عن الحصة في دخل المسجد فللخدم من كل طبقة صرة أو راتب دائم يأتي من القسطنطينية أو القاهرة، كما يتلقى كذلك السكان كلهم هدايا سنوية مماثلة، يطلق عليها أيضا اسم ( الصرة ) وصحيح أن هذه الرواتب لا توزع دائما بانتظام، وقد حرم منها الآن العديد من الطبقات الشديدة الفقر التي خصصت تلك الرواتب لها اساساً غير أن المبالغ تصل إلى ( المدينة ) ويتم تداولها. وهكذا يعيش العديد من العائلات كليا على الصرة وتتلقى ما بين مئة ومئتي جنيه أسترليني في السنة، من غير أن تقوم بأي واجب كان، ويقول ( المدينيون ) انه دون تلك ( الصرة ) ما تلبث المدينة أن تترك للملاكين والمزارعي،ن وان هذا الاعتبار كان بالتأكيد الباعث الاساسي لاستقرارهم هناك، كما في الاوقاف العديدة أو المؤسسات الدينية التي ارفقت بالمدن أو المساجد في أنحاء الإمبراطورية التركية كلها . في الوقت الحاضر يساء استعمال الصرة التي تساهم فقط في اطعام مجموعة من الاشخاص الكسالى المتعطلين، في حين يترك الفقراء محرومين معدمين، ولا يتم أي تعزيز أو تشجيع للصناعة، أما بالنسبة لغياب الصناعة، فان المدينة لا تزال اكثر لفتا للانتباه من مكةالمكرمة، فهي بحاجة حتى لاكثر الحرفيين ضرورة، والقليلون ممن يعيشون هم من الاجانب ويستقرون هنا لفترة معينة. وهناك منجد واحد للاثاث لا غير وصانع اقفال واحد في المدينة أما النجارون والبناءون فنادرون جدا. بحيث ان عليهم المجيء من ينبع لتصليح منزل، وكلما احتاج المسجد إلى عمال، يتم ارسالهم من القاهرة أو حتى القسطنطينية كما كانت الحال خلال اقامتي. حين كان بناء معلم من القسطنطينية منشغلا في اصلاح سقف البناء وتزود مصر المدينة بحاجاتها كلها نزولا إلى أتفه الأغراض والسلع, وحين كنت هنا لم تكن تصنع حتى جرار المياه الفخارية. منذ بضع سنوات . أسس احد أبناء دمشق صناعة لهذه السلعة الضرورية جدا. لكنه غادر المدينة فبات السكان مرغمين على الشرب من الجرار نصف المكسورة المتبقية. أو على استيراد غيرها من مكة بكلفة عالية, وليس هناك صباغ أو صناعات صوفية ولا نسيج على النول أو دباغة، ولا اعمال جلدية أو حديدية من أي نوع، وحتى المسامير وحوافر الاحصنة كانت تأتي من مصر وينبع . في معرض حديثي عن مكة، عزوت المقت والكره العام الشديد الذي يظهره أهل الحجاز للصناعات اليدوية إلى كسلهم وتراخيهم وكرههم لكل الاعمال اليدوية لكن الملاحظة نفسها لا تنطبق على المدينة حيث إن المزارعين والبستانيين على الرغم من عدم كونهم شديدي الاجتهاد في تحسين وضع أراضيهم، غير انهم عمال نشيطون جدا، وبامكانهم حمل انفسهم على القيام بأعمال في المدينةالمنورة دون القيام بجهد جسدي أكبر من الذي يبذلونه في حقولهم واني اميل إلى الاعتقاد بأن الحاجة إلى الحرفيين هنا يجب أن نعزوها إلى قلة التقدير والاحترام التي يكنها العرب لتلك المهن والذي غالبا ما تبدو كرامتهم وعزة نفسهم أكبر بكثير من جشعهم وطمعهم .