مازالت أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في ايران قبل 26 سنة، جرحا لم يلتئم بعد لدى الرأي العام والاوساط الحكومية في واشنطن ما يفسر سعي إدارة الرئيس جورج بوش لتحديد ما اذا كان الرئيس الايراني المنتخب محمود احمدي نجاد قد شارك فيها بالفعل. وألمح البيت الابيض الجمعة إلى ان الاتهامات الموجهة إلى الرئيس الايراني المنتخب بالمشاركة في عملية احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران عام 1979 قد تكون صحيحة ووعد ب «التحقيق لجمع كل الوقائع». وقد نفى مقربون من الرئيس الايراني المنتخب في طهران هذه الاتهامات. لكن سواء أكانت صحيحة ام لا فانها حركت ذكرى اليمة لاحد الفصول الاكثر سواداً ومهانة في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية. وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان الجمعة «ان أي شخص عاش تلك الفترة لا يستطيع نسيانها. ونحن لم ننسها»، في اشارته إلى ال 52 رجلا الذين احتجزوا رهائن في السفارة الأمريكية في طهران طوال 444 يوماً. ولدى تصفح «غوغل» على الانترنت بحثاً عن معلومات عن «ازمة الرهائن في ايران» يتدفق 519 الف مرجع. ويرى بعض الخبراء ان اقتحام السفارة الأمريكية آنذاك خلف مرارة لا تزال تلقي بثقلها على الملفات الساخنة الحالية مثل الاتهامات الموجهة لايران بمساندة الارهاب وتطور الملف النووي الايراني. «في هذا المنحى يشكل الماضي عقبة اكبر من الحاضر في صفحة العلاقات الايرانيةالأمريكية» على ما قال سكوت لاسنسكي الخبير بشؤون الشرق الاوسط في معهد السلام الأمريكي. واضاف هذا الخبير «ان ازمة الرهائن لها تأثير كبير على جيلين من مسؤولي السياسة الخارجية الأمريكية.. لذلك فان هذه الاتهامات (الموجهة من قبل رهائن سابقين) للرئيس الايراني الجديد تثير كثيرا من الاهتمام». لكن بعض الخبراء يلفتون إلى ان الولاياتالمتحدة سعت في السابق إلى طي صفحة ازمة الرهائن: فمنذ 1984 باعت إدارة الرئيس الراحل رونالد ريغان اسلحة لطهران. وهذا ما دفع باتريك كلاوسن مدير الابحاث في مؤسسة الدراسات السياسية للشرق الاوسط في واشنطن للقول ان وقع الازمة «ضخم إلى حد كبير من قبل الكثيرين خصوصا في اوروبا». وقال كلاوسن لوكالة (فرانس برس) «على المستوى الشعبي ما زالت الذكرى ماثلة في الاذهان. لكن لا يوجد أي مشكلة لدى النخبة في اوساط الاعمال وفي دوائر السياسة الخارجية». وكانت واشنطن قطعت العلاقات الدبلوماسية مع طهران بعد خمسة أشهر من ازمة الرهائن في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1979، كما حظرت اي علاقات تجارية عمليا خلال السنوات العشرين التي تلت ذلك. والرئيس جورج بوش الذي صنف ايران في خانة «محور الشر» في كانون الثاني/يناير 2002 ويسعي جاهداً لمنع هذا البلد من ان يصبح قوة عسكرية نووية جديدة، يعي في الواقع انه لا يملك سوى القليل من وسائل الضغط. واقر بوش في كانون الأول/ديسمبر الماضي بأن «العقوبات حرمتنا من التأثير على ايران». إلى ذلك يرى بعض الخبراء ان الولاياتالمتحدة استخلصت بعض العبر من قيام الجمهورية الاسلامية في 1979 وازمة الرهائن التي رافقتها. فالى متى ستترك ازمة الرهائن بصماتها على الأمريكيين؟ يري خبراء امثال لاسنسكي ان حل الازمات الراهنة سيلعب دوراً «لكن لا بد ايضا من بادرة ثقة، أى قرار من جانب المسؤولين الأمريكيين بانه يجب توجيه الانظار الى المستقبل وليس فقط الى الماضي».