يتذمر بعض الأشخاص ويكثرون الشكوى على من حولهم؛ إما لعدم استطاعتهم المادية على أمر ما وهو ما يفترض أن يكون، أو لإبعاد أعين الناس عنهم، وأحياناً الإيحاء لزملائهم أو أقاربهم أنهم "طفارى"، وبالتالي لا يلجأ إليهم أحد في أوقات الضيق. وذكر "سعد فهد" أنّ هذه العينة انتشرت في المجتمع بشكل كبير، رغم أنّهم لديهم القدرة الكافية على إتمام أمورهم، إلاّ أنّ التشكي وإيهام من حولهم بالعكس أمرٌ لازمهم، حتى بات يقلق من يكون معهم في العمل أو من الأصدقاء، لأنّه يدرك بأنّ ما يقولونه ليس صحيحاً، خصوصاً عندما يتمتعون بالسفر أو شراء السيارة الفارهة، وهو خلاف ما جسدوه بمخيلة من حولهم. وأضافت "ربى الدريهم": "يزعجني بعض الأشخاص الذين تلازمهم الشكوى في أمور حياتهم، ويستمرون بكثرة التشكي والتذمر، وعدم قدرتهم على إتمام أمر معين في حياتهم، وفجأة تجدهم يسافرون، أو انتقلوا إلى منزل مُلك، أو اشتروا سيارة آخر موديل، أو تجدهم في الأسواق باستمرار". د.حاتم الغامدي فوبيا الحسد وبيّن "فهد السماري" أنّ هناك أشخاصاً يعتمدون على التشكي في كافة أمورهم الحياتية، ويتظاهرون أنّهم لا يستطيعون فعل الكثير من الأمور لأسباب مادية، ولكن الواقع أن المال الوفير لديهم، ويقضون حوائجهن بالكتمان الشديد. ولفتت "بدريه العنزي" إلى أنّ خوف بعض الأشخاص من الحسد يقودهم إلى التذمر والتشكي بعدم قدرتهم واستطاعتهم لقضاء حوائجهم، في حين أنّ من حولهم يتفاجأون بسفره إلى دولة تحتاج إلى تكاليف مرتفعة، حيث أنّ إصابته ب"فوبيا الحسد" تدفعه إلى تلك التصرفات المزعجة. وأشارت "العنود محمد" إلى أنّ بعض الأشخاص يرغموننا أن ندخل في حياتهم الخاصة، والبحث عن النقص الذي يتحدثون فيه، مبينةً أنّ صديقة لها كثيرة الشكوى لضعف المادة وعدم استطاعتها شراء ما تحتاجه أو السفر الى أي مكان، وما إن يحل وقت الإجازة إلاّ وهي أول من يسافر. وأوضحت "لمى الحيدري" أنّ هناك من اعتاد على الشكوى بالرغم من توفر كل الإمكانات له والمتطلبات، لأنّ من حوله تأقلموا مع ذلك الأمر، حتى أصبحوا جميعهم يكثرون من الشكوى والتذمر، فأحدث ذلك خللاً في شخصيته من مخالطة هؤلاء الأشخاص الذين يظهرون عدم مقدرتهم وضعفهم مع أنّهم عكس ذلك بكثير. شخصية متحفظة وأرجع "د.حاتم بن سعيد الغامدي" -استشاري نفسي ومدير مركز إرشاد بجدة- كثرة الشكوى إلى عدة أسباب منها أنّ بعض الأشخاص ربما ليس لديهم القدرة المالية على اقتناء شيء معين، لكن نرى أنّ منهم تكون بوادر الخير عليه رغم شكواه، فيتعجب الناس من سفرياته وربما شرائه أشياء جديدة مكملة حباً في الظهور الاجتماعي، حتى لا ينظر إليه الناس بالدونية، حيث إنّ منهم من يقترض حتى يلبى احتياجات من حوله، بالرغم من أنّ شكواه تكون في موقعها، مضيفاً أنّ من هؤلاء من يشتكي حتى يسد باب طلب الآخرين منه، بالرغم من أنّ لديه القدرة على ذلك، لكن شكواه بمثابة رسالة وتنبيه لمن حوله بعدم استطاعته على مساعدة أحد في تلك الأمور، وحتى لا يتقدم أحد بطلب شيء منه، إلى جانب أنّ هناك أشخاصاً لا يتحدثون بما عندهم ويشتكون من قلة ذلك؛ خوفاً من الحسد، مبيناً أنّ ضعف التحاور مع الأبناء ورد الأب بأنّه لا يملك شيئاً يخلق بداخلهم عدم قدرته لتوفير ما يحتاجونه من متطلبات، ويشعر الأبناء ببخل والدهم، معتبراً ذلك التصرف نوعٌ من أنواع الشح الذي قد يتخذه ابنه، وينتج عنها أبناء مسرفون نظير الحرمان الذي لاقوه في حياتهم، ويعوضون كل ما نقصهم في حياتهم ورفضهم له بالتبذير والإسراف. وأكّد "د.الغامدي" على أنّ كثرة التشكي جزءٌ من تركيبة الشخصية ومن التربية، وليس لها علاقة بالمرض النفسي، مشيراً إلى أنّ هذا النمط التربوي والشخصية المتحفظة من العطاء ينتج عنها أبناء مسرفون؛ لأنّهم حرموا من ذلك ويعوضون ذلك عندما يكبرون، مشدداً على ضرورة المواجهة وليس المصادمة، خاصةً في إطار الأسرة، والحوار مع الأبناء للوصول إلى حل لحاجتهم وعدم مقابلتهم بالشكوى، كما يجب أن لا نضع الشخص في مواجهة كي لا يضطر إلى الكذب، ونحاول حل ذلك الأمر من أشخاص قريبن منه في حال طلب أي شيء منه.