هل يدرك الذين ثاروا بمنهج غير حضاري خلال الأيام الماضية بدعوى الاحتجاج ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم أساءوا إلى الإسلام والى نبينا المصطفى أكثر مما كان يحلم به أعداؤه؟ تلك الهمجية الشديدة والفوضى الغريبة وحالات اقتحام السفارات وحرق المرافق والاعتداء على الآمنين والأجانب في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية ليست من الإسلام في شيء، ولا تصلح أبداً أن تكون رداً على الإساءة الصبيانية التي تروج هذه الأيام عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فشرف النبي وقدره أكبر من أن يسيء إليه مجموعة من الممثلين الفاشلين، كما أن من الخطأ معالجة الخطأ بما هو أكبر منه، وعلى الذين يثيرون تلك الفوضى بدعوى حب النبي أن يقتدوا بطريقته في الرد على من أساء إليه. في صلح الحديبية رفض سهيل بن عمرو أن يكتب في صحيفة المعاهدة (هذا ما عاهد عليه رسول الله) وقال لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، وهم الصحابة بالفتك به إلا أن النبي أوقفهم ومحا الكلمة، فهو يعلم جيداً عقلية سهيل وشيعته ويعلم الطريقة المثلى في التعامل معها. كما أن الثابت أن قصائد الهجاء التي قيلت في الرسول صلى الله عليه وسلم لم تصل إلينا، ولم يثبتها المؤرخون في كتبهم، رغم تأكدنا من أنها قيلت خاصة في السنوات الأولى من العهد النبوي، وكأنهم أرادوا دفنها لأنها لا تستحق التسجيل. نحن بحاجة لطرق عملية في التعريف بديننا ونبينا بطريقة حضارية تخاطب العقل الغربي بطريقته وليس بطريقتنا، وهو ما يحتاج إلى توظيف المال العربي في إعداد مواد إعلامية بلغة عالمية تتناول حياة الرسول ومواقفه وتعاملاته مع العرب والغرب وتتم إذاعتها في الخارج وليس لدينا، ولا ضير من المشاركة بها في المناسبات العالمية لتكون أكثر وقعاً في العقول قبل القلوب، وكذلك حشد الجهود الدولية لإصدار قوانين تكون لها الإلزامية لمعاقبة كل من يسيء إلى الأديان في مجملها، وقبل ذلك دعوة المسلمين أنفسهم إلى التأسي بأخلاق النبي السمحة في الرد على من يسيء إليه وإلى الدين بشكل عام، فذلك أجدى أن يقنع الناس بجمالية الإسلام وحكمة نبيه وعظم رسالته.