في لقاء الخطاب الثقافي (الإصلاح والتطوير) الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني؛ قال أحد المشاركين ان من أكبر عوائق الإصلاح هو العمل بعقلية الفرد في مؤسسات الدولة. أتوقف عند هذا الرأي لأن العمل بعقلية الفرد هو فعلاً أحد معضلات التنمية الإدارية. سيطرة هذا النمط الإداري تعني أن العمل المؤسسي غير موجود كما تعني عدم استثمار عقول الآخرين، وبالتالي عدم مشاركتهم، ونتيجة ذلك ظهور سلوكيات غير مفيدة للمنظمة مثل السلبية وضعف الانتماء وتكوين الشللية والوصول في النهاية إلى التطبع بطابع الفردية والانتماء للمصالح الخاصة بسبب انعدام الشعور بالعمل بروح الفريق. ويعتقد أن العمل بعقلية الفرد يحول المنظمة/ المؤسسة إلى ما يشبه الأملاك الخاصة، ويصل الفرد إلى الشعور بأنه باق في مركزه إلى ما شاء الله لأنه أصبح هو المؤسسة، وإذا كنت تعمل في مؤسسة مثل هذا النوع وقابلت أحد أصدقائك فإنه في الغالب سوف يسألك "وش أخبار فلان؟" يقصد مدير المؤسسة، ولن يسألك "وش أخبار العمل". ومن سمات مدير المؤسسة بعقلية الفرد المركزية، ودفع الناس إلى العمل بدافع الرهبة وليس الرغبة، وكسب الأعداء، وفرض الآراء، وعدم الإنصات إلى الآخرين. أما المؤسسة التي تديرها هذه العقلية فإن الفكر الإداري السائد فيها هو فكر الفرد، وحين يغيب هذا الفرد لأي سبب فإن المكلف بعمله سيفوض صلاحيات القيام بالأعمال الروتينية فقط. أما لماذا يكون ذلك من عوائق الإصلاح، فلأن العمل بعقلية الفرد يغري بفتح أبوب الفساد، كما أن العمل بهذا الأسلوب يهمش الآخرين ويحرم المؤسسة والمجتمع من عقولهم وقدراتهم ويحولهم من منتجين إلى تجمعات متذمرة محبطة محرومة من المشاركة. وفي طريق الإصلاح والتطوير تبرز أهمية القيادة الإدارية وبالتالي أهمية اختيارها وتقييم أدائها وفق معايير مهنية وفي طريق الإصلاح والتطوير يحتاج المجتمع إلى الجميع وليس إلى فرد واحد، يحتاج المجتمع إلى أفراد يعملون بإخلاص وانتماء وولاء ويعرفون مسؤولياتهم ولديهم الالتزام لتنفيذها انطلاقاً من وضوح الأهداف وشعورهم بأنهم أعضاء فاعلون في المنظومة، وأن الجميع تتوفر لهم فرص المشاركة وحوافزها وفرص التطوير للفرد والمؤسسة بصورة عادلة.