لا تشكل الثقافة القانونية في مجتمعنا إلاّ حيّزًا محدودًا، خاصة لدى الشباب، في حين انها تتعلق بأصل حقوق الفرد وفق ما أقرته الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، إذ لا ينبغى ان يقتصر الاطلاع على الحقوق والواجبات مع فهمها، والعمل بمقتضاها على كل من يعمل في مجال العدل وإصلاح ذات البين وحقوق الإنسان أو من يعمل داخل مؤسسات الدولة من السياسيين والإعلاميين ومنسوبي الصحة والتعليم والأكاديميين وغيرهم، بل يجب أن يشمل ذلك كل المواطنين ليكونوا على بينة من حقوقهم وواجباتهم التي تنظم سلوكهم داخل المجتمع. إن مفهوم الثقافة يعني إحاطة الفرد بالعلوم والمعارف والآداب والفنون أمّا القانون فهو “مجموعة القواعد القانونية المنظمة لسلوك الفرد داخل المجتمع” وبالإمعان في التعريفين نجد أنهما موجهان للفرد كونه جزءًا من النسيج الاجتماعي الذي يتأثر ويؤثر على باقي الأفراد سلبًا وإيجابًا فكان لزامًا على المشرع سن النظم والقوانين والإلزام بها والأمر بالعمل بموجبها ونشر ثقافتها بما يترتب عليه تنظيم وتنمية سلوك الأفراد في المجتمع وبما يحقق التقدم والرقي الحضاري. لذا فإن الثقافة القانونية مسؤولية مجتمعية ملقاة في الأساس على مؤسسات الدولة وبالأخص تلك المؤسسات التي تعنى بالشأن المحلى كوزارة الثقافة والإعلام وزارة التربية والتعليم والجامعات والأكاديميين والأمن العام بقطاعاته المختلفة ووزارة التجارة والصحة والأرصاد والبيئة وغيرها، يشاركهم في ذلك الجمعيات الحقوقية والمحامين والباحثين من القانونيين والشرعيين والكتاب المهتمين من رجال الصحافة وغيرهم. وفي اعتقادي أنه بمقدور وزارة التربية والتعليم حمل لواء نشر الثقافة القانونية بإضافة أساسيات القانون لمناهجها الدراسية حالها حال الفنون والعلوم الأخرى مع مراعاة المرحلة العمرية للطالب والطالبة، يشاركهم في وضعها تربويون وأكاديميون متخصصون من الحقوقيين والمحامين والجمعيات حقوق الإنسان لما سيكون لذلك الأمر من أثر إيجابي وفاعل على الفرد من خلال نشر مفهوم القانون وسلطته التي يستمد منها أحكامه ومبدأ تساوي المواطنين أمام القانون، وحق التقاضي ومبادئ حقوق الإنسان، ومبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون والتوسع في طرح النظم القانونية التي تلامس حياة الفرد كأنظمة المرور، ونظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية واختصاصات المحاكم واللجان وشروحات عن اختصاصات الجهات الرسمية التنفيذية.. إن كل ذلك وخلافه من المبادئ والأنظمة يؤدي الاطلاع عليها ومعرفتها إلى كسب الفرد الثقة بنفسه، كما ينمي روح الانتماء الوطني لديه وينظم سلوكه داخل المجتمع ويرفع حس المسؤولية والرقابة الذاتية لدى الأفراد والمجتمعات على أنفسهم، كما أن ذلك يحصن المجتمع من الأيدي الغادرة التي انساقت وتنساق إلى المجتمع مزينةً لهم إتيان المخالفات في ظل جهلهم بالأنظمة والمبادئ القانونية والعقوبات الرادعة لها. ولا ننسى ما للإعلام من دور هام وجلي في نشر الثقافات والعلوم المتنوعة، هذا إذا ما كثفت البرامج التي تنشر الثقافة القانونية في أوقات العرض المناسبة لما سيكون لذلك من أثر أيضًا بمحو جانب من الأمية الحقوقية التي قد تصيب المجتمع وخاصة شبابه.