حذر إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم -في خطبة الجمعة أمس- الظالمين من سنة الله التي لا تتغير مع من طغى وبطش وتكبر من الاستدراج والإمهال والأخذ بقوة فالله مطلع على عباده رقيب عليهم، من تسلط على عباده قصمه وإذا زاد الطاغي من طغيانه فهو علامة هلاكه، فرعون أفسد في الأرض فلما قال أنا ربكم الأعلى أغرقه الله بالماء فلا يأمن العبد مكر الله وسرعة عقابه. وقال: الله قوي لا يقهر، عزيز لا يغلب، والقوة له جميعا ولا يعلم جنوده إلا هو، أمره كلمح البصر، استكبر قوم عاد فأهلكهم الله بالهواء، والله لا يغفل عن الظالم بل يستدرجه ثم يهلكه، وطلب النصر من الله نهج المرسلين، هود استضعف فدعا الله فنصره، والتوكل على الله سبيل النصر، والنصر قد يتأخر لحكمة من الله ولكنه لا يتخلف عن المؤمنين وقوة الخلق لا تمنع من عذاب الله، والنصر مع الصبر واليسر مع العسر وإذا اشتد الكرب لاح الفجر. وقال فضيلته: لقد سمى الله سورة في القرآن الكريم "هود" وسمى سورة أخرى بمكانهم "الأحقاف" وذكر الله خبرهم في مواضع عدهم وذلك ليعتبر لمصرعهم المؤمنون، كانوا أشد طولا وجسما وقوة ولم يخلق الله مثل قوتهم، ومساكنهم أعظم ما ترى وتجمله ذوات أعمدة ضخام وبنيان شاقه "إرم ذات العماد" أترفوا أنفسهم في مساكنهم فبنوا في كل مكان مرتفع بنيانا عبثا لمجرد اللهو ولإظهار القوة والمفاخرة فأنكر عليهم نبيهم ذلك لأنه بدون فائدة وتبديد للوقت والجهد وكانوا يبنون ما لا يسكنون، فأنبت الله لهم الزروع وأكثر أبناءهم فأمرهم نبيهم أن يتذكروا نعم الله "فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون" ولكنهم قابلوها بالجحود والنكران وعبدوا الأصنام، ودعاهم هود عليه السلام لعبادة الله وحده، فاستخفوا بنبيهم ورموه بالجنون وسخروا منه، وردوا دعوته وأنفوا واستكبروا وزادوا في الطغيان وأبوا اتباع رسولهم لأنه من البشر ولغرورهم يريدون نبيهم من الملائكة وأنكروا البعث والنشور وظلموهم ضعفاءهم، فلم يقوموا بحق الخالق والمخلوق والله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، فاستدرجهم الله من حيث لا يعلمون فأمسك عنهم المطر فأجدبت الأرض، ثم ساق لهم سحابة فلما رأوها قالوا عارض ممطرنا فكانت ريحا فيها عذاب عظيم، وكانت ريحا عقيما صرصرا باردة تدمر كل شيء بأمر ربها تحمل الرجل عاليا ثم تنكسه على رأسه فينفصل عن جسده فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم فأتبعهم الله لعنة إلى يوم القيامة.