بدأت تتزايد الحاجة لمراجعة مقدار عمولة البيع والتأجير في السوق العقارية والطرف الذي يتحملها بعد مرور أكثر من ثمانين عاماً على النظام التجاري الصادر في 15 محرم 1350ه الموافق 2 يونية 1931م. حيث كثُرت في الفترة الأخيرة الحالات التي تزيد فيها عمولة بيع قطع الأراضي السكنية عن التكاليف الحقيقية لتطوير الأراضي الخام من رصف، وإنارة، وكهرباء الخ. فتكاليف التطوير تتراوح ما بين 30 إلى 100 ريال للمتر المربع بحسب المواصفات، والمساحة، والأسعار السائدة في فترة التطوير. في حين تتراوح عمولة بيع قطع الأراضي السكنية في المدن الرئيسة ما بين 50 إلى 100 ريال للمتر المربع يتحملها المشتري. وقد نصت المادة (31) من النظام التجاري على الآتي: [يتّبع فيما للدلال من الحقوق وفيما عليه من الواجبات وفيما يستحقه من الأجر العرف المطرد والعادة]، وجرت العادة بين الناس أن العمولة "السمسرة" هي 2,5% يتحملها المشتري, والعادة قاعدة محكّمة تأخذ بها المحاكم السعودية. وأكّدت المادة (9) من اللائحة التنفيذية للمكاتب العقارية على أنه لا يجوز لأي مكتب عقاري أن يتقاضى عمولة بيع تزيد على 2,5% من قيمة العقار المبيع كما لا يجوز له الحصول على عمولة إيجار تزيد عن 2,5% من قيمة الإيجار لسنة واحدة حتى لو كان العقد لمدة أطول أو تُجدد لمدد أخرى. وفي حالة حصول المكتب من المتعاملين معه على عمولات تجاوز في مجموعها النسبة المنصوص عليها في هذه المادة، يلتزم برد الزيادة إلى من دفعها وذلك دون إخلال بالعقوبات المقررة. وأدت الارتفاعات الحادة التي شهدتها الأسواق العقارية في المدن الرئيسة للمملكة خلال الخمس سنوات الماضية إلى ارتفاع متوسط حجم العمولة على قطع الأراضي السكنية من 5000 ريال إلى ما يزيد على 25 ألف ريال، بل تجاوز 50 ألف ريال في بعض الأحياء السكنية للمدن الرئيسة. والخدمة التي يقدمها السمسار هي معلومة بدأت تفقد أهميتها مع ثورة المعلومات والاتصالات، في حين أن حجم العمولة يتزايد بوتيرة عالية مع الارتفاعات الحادة والمستمرة في السوق العقارية. والمشكلة ليست في حجم العمولة بقدر ما هي في تحميلها على المشتري لوجود تضارب مصالح، لأن مصلحة الدلال "السمسار" البيع بسعر أعلى لترتفع العمولة، فيتضرر المشتري ويستفيد البائع. والعمولة في الوضع القائم للسوق العقارية يجب أن تدرج ضمن تكاليف التسويق التي يتحمله البائع لاسيما أن التطورات الأخيرة التي شهدتها السوق العقارية خلال العشر سنوات الماضية قلبت الموازين. فقد كان العبء يقع على المشتري في البحث عن قطعة أرض سكنية بأسعار في متناول اليد. لكن الآن أصبح العبء على عاتق البائع الذي يبحث عن مشترين قادرين. ومن هنا تأتي أهمية تصحيح الإطار القانوني لعمولة البيع والتأجير في السوق العقارية، فالعادة أصبحت لا تنسجم مع واقع السوق العقارية. *مستشار اقتصادي