إن أي مهنة أو تخصص في جميع أنحاء العالم مر بمجموعة من التطورات التي طالته خلال السنين وخصوصاً مع الطفرات العلمية في الألفية الأخيرة التي رسخت مفهوم التخصص والتصنيف لجميع تلك التخصصات والتي كانت ضرورية وأساسية لتطور ذلك التخصص أو المهنة فبدأنا نسمع عن تخصصات طبية على سبيل المثال أكثر دقة من الطب العام الذي كان سائداً في الماضي فهناك استشاري تخدير وهناك استشاري جراحة قلب أطفال واستشاري جراحات غدد وأورام وغيرها من التخصصات كما أن هناك تخصصات أيضاً في قطاعات أخرى كالهندسة والجيولوجيا والكيمياء والتعليم وكانت تلك التخصصات توضع لها مصطلحات أسهمت في رفع مستوى المهن لتلك التخصصات وأدت إلى ازدهارها ولكن هناك مهنة لم تتطور ولم يوضع لها مصطلح لتخصصاتها أبداً بل ولم تتجاوز مسمياتها مسمى واحدا وضع لها منذ عقود وهو (عقاري). نعم القطاع العقاري والعاملون في القطاع العقاري لم تتعد المسميات وتخصصاتهم عن مسمى عقاري أو عقاريين أو مشروع عقاري رغم الثورة التي مر بها هذا القطاع وأهميته في الاقتصاد والذي يمثل ثاني أكبر دخل قومي في دولة مثل المملكة كما أنه يمثل أكثر من 70 % من ثروات الشعوب وهذا الأمر قد يدل على أن القطاع العقاري فعلياً لازال يعاني من تخلف واضح وتأخر في سوق ضخم ومتقدم كالسوق السعودي ولا أفهم ماهو السبب وراء ذلك، فهناك العديد من الاقتصاديين والإعلاميين لا يعرفون ماهو الفارق بين مالك العقار والمطور للوحدات العقارية والوسيط العقاري ويطلقون عليهم جميعاً مجازا مسمى «عقاري» وهذا المصطلح تحديداً عمره يزيد على 100 سنة على الرغم من الفارق الكبير بين تخصصاتهم كمن يسمى العاملون في القطاع الصحي أطباء بمن فيهم من ممرضون وإداريون وفنيون وهذه الثقافة مع الأسف الشديد أصبحت عامة ومترسخة لدى الأغلبية وقلة هم الذين يميزون الفارق بينها وهنا تكمن المشكلة. قد يقلل البعض من أهمية تخصيص مسميات أو مصطلحات عقارية لتنظيم هذا القطاع الهام ويفضل أن يتعامل مع جميع العاملين في قطاع الاستثمار العقاري تحت مسمى عقاري والمشاريع التطويرية بمختلف أنواعها بمسمى مشروع عقاري ضناً منه أن إضافة مصطلحات جديدة أو تخصصات لها هي من قبيل التجميل أو التزويق كما يحلو للبعض أن يسميه وهذا أمر خاطىء ولن ينهض هذا القطاع إلا بفهم تخصص كل العاملين فيه وتخصص كل استثمار فيه . وأختم بأن المتضرر الأكبر من عدم وجود تخصصات ومصطلحات عقارية لتلك التخصصات هم العاملون فيه حيث ان أكبر مشكلة تواجه من اراد تأسيس شركة متخصصة في الخدمات العقارية، وهي عدم تفهم الغالبية الفارق بين تخصص نشاطه وشركات التطوير العقاري التي تطور الوحدات العقارية وشركات الاستثمار العقاري التي تستثمر في شراء الوحدات العقارية ومن الصعب أن تغير بمفردك قناعة لدى الأشخاص أن العقاري هو العقاري.