كلمة مناداة أوجهها وبحسرة لكل طفل يخرج من منزله صباحا محملاً بالأثقال مثقلاً بالأوزان، بما يحمله من كتب يعجز جسمه الصغير عن حملها، ويتعذر لعقله البسيط استيعابها، وتستميت قوته الضعيفة في سحبها، في نقلها، في رفعها، في خفضها، وأقول لكل مسؤول في وزارة التربية والتعليم راجيا منه أن «يخففها شوي ذا حمل ما ينشال». ولست هنا بصدد التعليق على المناهج وما تحتويه أو الكتب وما تطويه فلست مؤهلاً لهذا ولست مخولًا لذلك، ولكني أنظر للأمر من ناحيته الصحية فهذا أمر أحسبني أفهمه وشيء أستطيع أن أدركه. فتعالوا إلى كلمة سواء بيني وبينكم. إن الطفل الذي يبلغ من العمر ست سنوات والذي لا يتجاوز وزنه العشرين كيلوجراما لا يستطيع حمل وزن يتجاوز الخمسة كيلوجرامات أي ما يعادل ربع وزنه أو يزيد. إن الأمر الذي قد يغيب عن كثير من مقرري المناهج لدينا هو مدى الانتشار الواسع لهشاشة العظام بين أطفالنا وكذلك شبابنا ونسائنا ورجالنا. فقد دلت الدراسات المحلية أن حوالي خمسين في المائة من نسائنا لديهن نقص في كثافة العظام وذلك لمن تجاوزت أعمارهن الثلاثين، وتزيد هذه النسبة كلما تقدم بهن العمر. وليس الرجال بمنأى عن هذا الأمر فهناك نسبة تتجاوز العشرين في المائة تعاني من هشاشة العظم والكثير من الدراسات تشير إلى أن هشاشة العظام منشؤها الطفولة وأن المرض ليس أمرا مكتسبا، وقد تبدأ جذوره منذ الصغر. والذي يؤكد ذلك، الدراسات التي أوضحت المدى الكبير لانتشار نقص الكالسيوم وفيتامين (د) بين الأطفال والمراهقين، حيث أن حوالي ثمانين في المائة من أطفالنا يعانون من نقص فيتامين (د). وإن افترضنا جدلا أن هذه المناهج التي يحملها ابناؤنا على أكتافهم الرقيقة ستعود بالنفع عليهم من الناحية الأكاديمية، فإن حملها على عواتقهم الهشة بلا شك سيضر بعظمهم وعظامهم. إن حالات تقوس العمود الفقري والانزلاقات الغضروفية في ازدياد مضطرد وأصبحت تلحظ في أعمار مبكرة وقد تكون مسببات ذلك نواح متعددة إلا أننا لانود أن يزيد الأمر سوءاً بحمل ابنائنا لهذه الأثقال. وإلى أن يقتنع المسؤولون عن المناهج بخطورة هذا الأمر، نرجو من منسوبي التوعية الصحية في وزارة الصحة وأيضا الصحة المدرسية وكذلك أولياء أمور الطلبة والطالبات بالتنبيه على الأبناء عامة وإرشادهم إلى الطرق السليمة لحمل الأثقال. ولا بأس أن تكون تلك هي مادة منهجية تدرس في المدارس فهي ذات أهمية صحية كبرى. ولست أدري لماذا لاتحول المناهج الدراسية إلى أقراص مدمجة، فلقد أثبت الطفل قدرته الفائقة في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة من أقراص مدمجة ومخازن معلومات متنقلة وحواسيب معقدة. ولسنا بحاجة الآن إلى نقل هذه الأوزان الكبيرة وما تحتويه من الكتب والدفاتر من وإلى المدرسة، بل يمكن إبقاؤه في المدرسة. كما أن الغالبية العظمى من هذه الدفاتر لا تستخدم وأن الكثير من المواضيع المدرسية في منهج الكتب لا يتطرق له. وما المانع أن يقسم المنهج إلى قسمين أحدهما للفصل الأول والآخر للفصل الثاني. وما المانع أيضا أن تبقى بعض الكتب في المدرسة، فلا تحمل ولا تسحب. فالكثير من المدارس لا تحتوي مبانيها على مصاعد، فيصعب للطفل حمل الحقيبة للأدوار العلوية. وما المانع من السماح للسائق بحمل الحقيبة إلى داخل المدرسة حيث أن بعض المدارس تمنع ذلك. كل هذه حلول جزئية للمشكلة ويبقى الحل الأمثل هو الاستغناء عن الكتب المدرسية وتوفر لكل طفل جهاز حاسوبي محمول أو ما يعرف بالإيباد إذا لم يكن متوفراً لدى الطفل وتحمل عليه جميع الكتب المنهجية. * قسم الغدد الصماء