يخطئ من يعتقد أن الرئيس السوري السفاح هو الذي يقتل إخواننا الأبرياء من أبناء سورية، فلم يعد لدى العقلاء أي شك في أن حرب الإبادة الموجهة ضد الشعب السوري ليست إلا تواطؤاً دوليا، إذ يباشر القيام بها النظام السوري المجرم، الذي لم يكن له أن يستمر إلى اليوم بهذا المستوى من الوحشية في القتل لولا ما يجده من دعم صريح ومعلن من حلفائه (إيران وروسيا والصين) وطبعاً إذا قلنا إيران فلا نحتاج للإشارة إلى حزب الشيطان في لبنان . كما أن هذه المؤامرة الدولية لم يكن لها لتستمر في طحن مئات الآلاف من أبرياء السوريين لولا الدعم الضمني والموافقة الصامتة والضوء الأخضر الذي أطلقته الدول الكبرى والمنظمات الدولية للنظام السوري ليستمر في قتل المزيد من الأبرياء . وليس من يعتقد هذا الرأي بحاجة إلى تقديم الأدلة والبراهين على صحته، فالمسألة باتت واضحة مكشوفة، ولا أظن الشعوب العربية والإسلامية يخالجها الشك في هذه الحقيقة . وإلا فهل شهد التاريخ الحديث إجراماً بمثل هذا الذي يمارسه السفاح السوري ضد النساء والأطفال والعزّل من المواطنين؟ وهل كانت دول العالم لتقف صامتة إزاء ما يحدث لو كان ضحايا هذه الإبادة من غير المسلمين ؟ لقد علمتنا الحوادث والسنين أن المجتمع الدولي بدوله الكبرى ومنظماته لا يقيم وزناً لدماء المسلمين. وأنه ليس إلا السذج من الناس من يصدقون شعارات حقوق الإنسان التي تتشدق بها الدول الكبرى ومنظمات المجتمع الدولي، لأن هذه الشعارات ليست إلا وسيلة لتحقيق مصالحهم والضغط على الدول المستضعفة لإملاء سياساتهم عليها . إن ما يحدث اليوم في سورية من إجرام وظلم وبغي لايمكن أن يمر مرور الكرام . بل سيكون مصدراً لإذكاء وزيادة مشاعر الكراهية والبغضاء للدول الكبرى التي تواطأت وتآمرت على حدوثه، كما سيكون هذا الإجرام سبباً لتأجيج فكر الإرهاب والتطرف وزيادة العداء والعنف. فإن كانت الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا تقدم حسابات السياسة ومصالح إسرائيل على إيقاف سفك الدماء البريئة وإزهاق الأرواح الطاهرة، فلا أشك أن الشعوب العربية والإسلامية لن تنسى أبداً هذا التواطؤ والعداء ما سيكون له الأثر الواضح في مستقبل المنطقة . لقد أصبح الكثير من المسلمين على قناعة بأن ما يحدث في سورية ليس سوى حرب دينية عقائدية، تنادى فيها ألدُّ أعداء الإسلام وتناصروا فيما بينهم على إبادة المسلمين، ومن دلائل هذه الحرب الدينية بشاعة الجرائم التي تمارس ضد المسلمين الأبرياء في سورية، من قتل بأبشع الوسائل، إلى انتهاك الأعراض والإذلال، دون أي إنسانية أو رحمة بطفل أو امرأة أو شيخ كبير . وفي ذات الوقت الذي تجاهر فيه إيران وعملاؤها بدعم النظام السوري السفاح وإمداده بكل أنواع الأسلحة لمواصلة إبادة الأبرياء، يتابع المسلمون بامتعاض شديد موقف الرئاسة المصرية التي يبدو أنها في الطريق إلى تحقيق ما توقعه المتابعون قبل وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم، من استعدادهم للتقارب مع إيران ومدّ جسور التواصل معها، بل أصدرت الرئاسة المصرية مؤخراً تصريحاً بأنها تعتقد أن إيران جزء من حلّ القضية السورية وليست جزءاً من المشكلة !! وقبل ذلك سمحت مصر بمرور البواخر الإيرانية المحملة بالأسلحة لدعم النظام السوري وقتل إخواننا الأبرياء هناك عبر قناة السويس!! . إن الإنسان السوي مسلماً كان أو غير مسلم ليتألم حين يرى فداحة القتل وشراسة الإبادة مستمرة على شعب كامل، بينما تسمع للحوار الجاري بين دول العالم وحكوماته لا يتجاوز البحث عن مرحلة ما بعد الأسد، وعن إمكانية إقامة مناطق للاجئين السوريين داخل حدودهم، بل ونسمع الولاياتالمتحدةالأمريكية تهدد نظام الأسد في حال قام بتحريك أو نقل الأسلحة الكيماوية بهدف استخدامها بأنها سترد عليه بالقوة !! فهل تعتقد أمريكا أن استخدام هذه الأسلحة والقنابل والصواريخ التي أبادت وتبيد الشعب السوري يومياً هو أمر قانوني مباح لا يستوجب التدخل لمنعه ؟ إن دماء المسلمين في كل الدول الإسلامية لتغلي حين يتابعون في نشرات الأخبار صور القتل والذبح والتقطيع والإهانة والتجويع والتهجير لإخوانهم السوريين، بينما يسمعون في المقابل أخبار ومواقف الدول وتعليقاتها على مثل هذه الجرائم في منتهى البرودة واللامبالاة والحديث الذي لا يرقى إلى مستوى الجدية والحزم لوقف مثل هذه المجازر . إن دماء السوريين الأبرياء التي تراق، وأرواحهم التي تزهق، وأعراضهم التي تنتهك، لتهدم مع كل قطرة دم منها كل دعوات الحوار والتسامح، وتسخر من كل شعارات حقوق الإنسان، وتسفّه كل مزاعم سعي الدول الكبرى لفرض الحرية والديمقراطية الكاذبة. إن مواقف المجتمع الدولي من قضايا المسلمين لتزيد المسلمين قناعة بأنهم لايمكن أن ينتظروا النصر من هذه الدول، ولا العون من منظمات الأممالمتحدة ومجلس أمنها البائس . فأسأل الله أن يعجل بنصر إخواننا في سورية، وأن يحقن دماءهم ويرحم موتاهم ويكتبهم في الشهداء، ويحفظ أعراضهم وأن ينصرهم على عدوهم وأن يشفي قلوب قومٍ مؤمنين آمين . *القاضي السابق في ديوان المظالم والمحامي حالياً.