في السنة الأخيرة من تولي معالي الدكتور حمد المانع وزارة الصحة، قام بزيارة تفقدية للقطاعات الصحية في منطقة حائل وكان ضمن برنامج الزيارة، الوقوف على مستشفى حائل العام، والذي كان الدكتور عبدالعزيز النخيلان حديث عهد بإدارته، فانتظر الناس أن يبدأ الرجل جريا على العادة عند استقبال كبار المسؤولين في الاستعداد لزيارة معالي الوزير، بطلاء الجدران، ومحاولة إخفاء عورات المستشفى بحيث لا تقع عين الوزير إلا على كل ما يُبهج، لكن الدكتور النخيلان خيّب ذلك الظن تماما حينما ترك كل شيء على ما هو عليه، اقتناعا منه بضرورة أن يقف المسؤول على الواقع ليتمكن من أداء دوره ورسالته مثلما ينبغي.. بل ذهب لما هو أبعد من هذا عندما طلب من معالي الوزير أن يقف على كل العورات في المستشفى سواء ما يتصل بالمباني المستهلكة أو ما يتصل برداءة وقدم بعض الأجهزة.. ليبدأ بعلاجها وتصحيحها، وكانت النتيجة أن وجه معالي الوزير بالبحث عن مبنى بديل لهذا المستشفى والبدء بالنقل إليه، وهدم المستشفى ومن ثم إعادة بنائه، لكن الأمور لم تجري وفق ما أراد معاليه، حينما حالت العديد من العوائق أمام توجيهه قبل أن يخرج من التشكيل الوزاري بعد حوالي عام من هذه الواقعة. عاد الدكتور النخيلان بإحساس المواطن أولا.. ثم إحساس الطبيب والمسؤول عن تقديم الخدمة الصحية في هذا المستشفى الذي تجاوز النصف قرن، ولم تعد تنفع أو تجدي معه كل عمليات الترقيع.. عاد للبحث عن حلول بديلة بعد تعثر توجيه الوزير، فبدأ اتصالاته مع بعض المحسنين، واتفق معهم على أن يتطوعوا بترميم غرفة العمليات، وبعض الأقسام كل حسب قدرته، وهذا ما حدث حيث استطاع على مدار خدمته التي بلغت الخمسة أعوام في هذا المستشفى أن ينجز ترميم قسم الباطنة، والولادة وغرفة العمليات وسواهم، ولكن العوار الذي أصاب المستشفى في الجذور لن تنهيه تلك الترميمات لأن الأمر يحتاج إلى حلول جذرية. وبعد أن حدثت واقعة نقل الدم الخاطئة، وما نجم عنها من أضرار جسيمة لإحدى المواطنات حزم الدكتور النخيلان أمره بتقديم استقالته من إدارة المستشفى، وقد أحال أسباب اعتذاره عن الاستمرار في إدارة المستشفى كما صرح ل(الرياض) إلى عدم وجود تجاوب من المسؤولين في الشؤون الصحية بالمنطقة مع مطالبه المتكررة، واحتياجات المستشفى، وإسناد العقود المرتبطة بالتشغيل إلى مقاولين يبدو انهم لا يمتلكون الكفاءة اللازمة لتقديم خدمة صحية لائقة، مشيرا أنه لم يعد يستطيع أن يتحمل تبعات تلك العقبات والمشكلات التي قد يتعرض لها المستشفى في ظل وضعه المتردي وواقعه المرير، وهو المستشفى الذي استهلك عمره الافتراضي منذ زمن بعيد، ولم يعد مؤهلا لتقديم الخدمة الصحية.. ليختار أن يقدم استقالته من إدارة المستشفى لتعذر إمكانية الوصول إلى تلك الغايات التي كان ينشدها منذ أن قرر التصدي لمغامرة إدارة مستشفى يعيش على سرير الموت، معربا عن شكره لكافة زملائه الذين عملوا كل ما في وسعهم من أجل نقل المستشفى من واقعه المرير إلى واقع أفضل.. لو لم تحل تلك الظروف المحبطة بينهم وبين آمالهم. الشؤون الصحية بالمنطقة، وفي معرض ردها على لسان المتحدث الرسمي للمديرية علقت على الاستقالة نافية في البداية أن تكون قد تلقت أية استقالات عدا استقالة الدكتور النخيلان.. محيلة الأمر من طرف خفي إلى (أن سياسة وزارة الصحة ممثلة بالشؤون الصحية بالمنطقة ترتكز على العمل على تدوير الكفاءات الإدارية، وأنه تم إبلاغ المستشفى المذكور قبل فترة وجيزة حسب نص البيان عن رغبة المديرية في إحداث تغيير في إدارته لوجود بعض القصور في العمل والإشراف المهني، مشيرة إلى أن قضية الخطأ الطبي قد أحيلت أوراقها في شهر رمضان بعد التحقيق إلى الهيئة الصحية الشرعية)، وما بين قوسين هو مقتطفات من نص البيان الصحفي الذي قدمته الشؤون الصحية للصحافة في سياق ما طرح عن أسباب استقالة مدير مستشفى العام. وأيا كان الأمر فإن ما يعرفه الجميع من مواطني منطقة حائل، هو أن عوار الخدمات الصحية في المنطقة.. سواء في هذا المستشفى أو في رديفه مستشفى الملك خالد لم يعد خافيا على أحد، فلكل مواطن قصة مع الخدمات الصحية التي تزداد سوءا يوما بعد آخر، إلى درجة انعدام الثقة في الخدمات الصحية، وهروب المرضى إلى مشافي العاصمة، والمشافي الأردنية للبحث عن العلاج. والسؤال الذي يمكن أن يطرح الآن.. هل تفتح استقالة الدكتور النخيلان والأسباب التي أشار إليها في خطاب استقالته الملفات المغلقة عن واقع الخدمات الصحية في المنطقة.. خاصة في ظل الوعود المتكررة حيال تصحيح الأوضاع، والتي كان آخرها ما وعد به وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة خلال زيارته للمنطقة قبل زهاء عام، ولم يتحقق منها أي شيء على أرض الواقع.. باستثناء البدء في بناء مشروع المستشفى البديل، فيما بقي المستشفى التخصصي جثة هامدة لم يكتمل بناؤه رغم البدء ببنائه قبل ثمانية أعوام.. هذا ما ستبينه الأيام القادمة.