مما لا شك فيه ان جامعات المملكة تزخر بالعديد من الكوادر الاكاديمية - ذكورا واناثا - التي تحمل من المؤهلات العلمية ولديها من القدرات الشخصية والخبرات والمهارات الإدارية ما يؤهلها لان تشغل أماكن قيادية في مؤسسات التعليم العالي الا ان أمورا كثيرة – ليس أوان ذكرها- قد تحول دون الاستفادة من تلك الطاقات البشرية وتسخيرها في خدمة التعليم العالي والرقي به في بلدنا الحبيب. ولعلي هنا أطرح على المعنيين في وزارة التعليم العالي وجامعاتنا الحبيبة فكرة أرى بأنها قد تساهم في استغلال تلك الطاقات الوطنية في الجامعات السعودية المختلفة بأقصى صورة ممكنة . كلنا يعلم ما يمثله "عميد الكلية " من دور قيادي هام ومؤثر في نجاح ورقي البرامج والاقسام التي تقدمها الكلية فالعميد هو القائد الذي يسعى الى ان تسير كليته الى التميز بين قريناتها وهو الشخص المتابع والمسؤول على ان تتناغم وتتفق أهداف ومخرجات الكلية مع الاهداف والغايات الكبرى للجامعة. ولعل جلنا أيضا يعلم الطريقة التي يتم بها غالبا اختيار الشخص لمهمة "عميد الكلية" – وانا هنا اتحاشى كلمة منصب لقناعة شخصية بأنها مهمة وليست منصباً – فهي غالبا ما تكون بتوصية من وكيل جامعة أو عميد يثق في اختيارهما صاحب القرار وبالتالي فنتاج هذه الخيارات ما هو الا استنساخ لصورة نمطية معينة للعميد يرى صاحب القرار انها مثلى وتحقق الاهداف التي تسعى المؤسسة الى تحقيقها. وانا هنا لا اجرم هذه الطريقة في الاختيار فهي ذات ايجابيات لكنها أيضا ذات عيوب. ولعل من ابرز تلك العيوب هو أنه ربما يكون من بين أعضاء هيئة التدريس في كلية ما من هو ذو كفاءة وابداع ويتحلى بصفات قيادية وافكار ابداعية ورؤى طموحة للتطوير لكنه لا يجد فرصته اما بسبب كثرة منافسيه أو لأسباب أخرى.. وانا هنا أعرض على وزارة التعليم العالي أن يتم اختيار "عميد الكلية" بطريقة تنافسية بحيث تقوم الجامعات الحكومية بالإعلان عن مقاعد العمداء الشاغرة في كلياتها المختلفة عبر مواقع تلك الجامعات وكذلك موقع وزارة التعليم العالي ومن ثم يتقدم من يرغب و يرى في نفسه القدرات والمؤهلات والدرجة العلمية المناسبة لهذه الوظيفة من جميع الجامعات السعودية بحيث يتم اختيار الافضل من بين المتقدمين وفق المعايير المعلنة والاهداف التي تسعى كل كلية الى تحقيقها حسب المرحلة التي هي فيها . بعدها يصدر قرار تعيين العميد كما هو معمول به حاليا من قبل معالي وزير التعليم العالي لمدة اربعة اعوام (وليس عامين) يحق للمرشح بعد انقضائها العودة الى جامعته الأم أو الاستمرار في التنافس على هذا الموقع او غيره. ان ما دفعني لمثل هذا الاقتراح هو انني وبحكم عملي ومن خلال الاحتكاك المباشر مع العديد من الزملاء سواء في جامعتي التي اشرف بالانتماء اليها – جامعة ام القرى - او من جامعات اخرى وجدت ان هناك طاقات وكوادر وطنية على مستوى عال من القدرة على التخطيط والعمل مع الفريق وقيادة الكليات نحو التميز لكنها وللأسف لا تجد الفرصة لجعل ذلك واقعا بل ولربما يتسرب بعضهم من الجامعات او يطويه التقاعد دون ان يستفيد منه هذا الوطن. وبالتالي فإن تبني فكرة التنافسية على عمادة الكليات سيذكي روح التنافس والابداع بين أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا ويمكننا من تناقل الخبرات وتدويرها من جامعة الى أخرى خدمة للوطن وأبنائه. فالوطن الذي استثمر في الآلاف من أبنائه بابتعاثهم داخليا وخارجيا والصرف عليهم اثناء دراستهم وبعد ذلك تدريبهم وتطويرهم مهنيا هو بحاجة ماسة الى كل ساعد من تلك السواعد من اجل اعلاء هذا البناء ليلامس ذرى المجد وقمم السحاب. والله الموفق....