ما لاشك فيه أن الدين الإسلامي من النعم التي أنعم الله عليها العباد، وبين للعباد الفروقات مابين العصر الجاهلي (قبل الإسلام) وبعده، ووجد الإنسان حقوقه ماله وما عليه ، ووضح الله جل شأنه الأحكام في محكم تنزيله وبعث رسوله عليه الصلاة والسلام كخاتم للانبياء والمرسلين للعباد ليخرجهم من الظلمات الى النور، ومن بعده جاء خلفاؤه الراشدون والصحابة والتابعون والسلف السلف الصالح هذا هو الإسلام، تعددت القرون وهو ثابت ومتمسك وموجود منذ آلاف السنين، ومتغيرات الزمن تتجدد وتتغير ويبقى الإسلام شامخاً وثابتاً، وهناك أدلة ومعطيات للمكملات الدينية لتوصيلها للإنسان، ومن ضمن تلك الرسائل، الخطاب الديني والذي نجده متواجداً منذ القدم ومنتشراً بالدول الإسلامية ، وله جهود ومعطيات ومآثر، ولكن مشكلتنا الحقيقية في هذا الزمن في كيفية تحويل الخطاب الديني بمواكبة الزمن الجديد ، ولا نقصد هناك اجتثاث الخطاب وفصله وعدم تداوله ولكن نحاول قدر المستطاع احتواء الخطاب وإعادة سياسته عن ذي قبل ، فنحن نرى أن العالم يتغير بكثير من المتغيرات والعولمة بدأت تأخذ حيزاً شاملاً من التقارب بين الدول والعالم أجمع ، تقارب اقتصادي وسياسي وثقافي، ونحن نفتخر بأننا ننتمي لهذه الشريعة الإسلامية وهي الثقافة الحقيقية ، والخطاب الديني سابقاً يعتمد اعتماداً كلياً على الفتوى وما تحتويه، والتجديد في الخطاب الديني مطلب ولا نقصد به تجديد في ثوابت وأصول الدين والعقيدة واسس الشريعة، ولكن نقصد بتطوير مفهوم ولغة ومضمون الخطاب وأخذ كل ما هو جديد للتمشي ومواكبة حاضر العصر والتغيرات الحادثة والمستجدات المستمرة، وما يحيط بها من تحديات، ولغة الخطاب الديني المعمول بها حالياً من بعض (المختصين) تكون عن إملاء فردي دون الخوض بمصالح الأمة من حيث النظرة الثاقبة والمستقبلية، أي تكون مختصة للمصلحة الفردية كأن لم يكن هناك إلا هذا الشخص على هذا المنبر، دون النظر للأمور الأخرى ومن دون أيضاً محاولة واجتهاد للتفكير والتأمل بالخطاب ومقاصده وأهدافه الحقيقية، فالمتغيرات تتجدد من الزمان والمكان، ولغة الحوار الديني هي ما نبحث عنه بتوسيع الثقافة الدينية. وهناك فروع للخطاب الديني ونجده في خطب الجمعة الاسبوعية، ولو تطرقنا للخطاب الديني وما هي علاقته بمتغيرات العصر، نجد أن الأحداث السياسية والعنف الموجود بين الدول هي تأجيج من بعض الأشخاص (المتزمتين) في آرائهم، بل احتضنوا الكثير من العقول وجعلوهم من نفس السياسة كخلية واحدة يتفقون على رأي يكون للمصلحة الفردية وليس لمصلحة الأمة الإسلامية ، والمحاضرات سابقاً وجدناها قبل عشرين سنة ماضية عبر المنابر بمسائل التأجيج (والتحريض) ووجد هذا الخطاب عقولاً كانت مغروسة بمسألة الحماس وتريد أن يتم تفعيل هذا الحماس ووجدوه عبر المنابر، ولكن في الآونة الأخيرة لم نجد تلك المنابر تعبر عن آراء تلك العقول ولكن وجدناها عبر طرق أخرى من ضمنها خطب الجمع وكيفية توظيف الكلمات والجمل للحضور، وخطبة الجمعة هي تنويرية تثقيفية ، وليست تأجيجاً أو تحوير مفهومها، فالمجتمع بأمس الحاجة لمناقشة القضايا الهامة من التفكك الأسري ، وسوء الأخلاقيات ، كأمثلة عامة ، ولكن مسألة تأجيج المسائل مثل الطائفية والعنصرية ، نجد أنها تشعبت وذهبت لمسارات أخرى، وكذلك الفتاوى وكيفية التعبير لها، خصوصاً إذا كنت في منبر اعلامي ومستضاف وهناك من يشاهدك ويسمع والتأني وعدم اصدار الفتوى في حينها خصوصاً الفتاوى السياسية والطائفية، ونحن نعيش زمناً تحولت فيه الكثير من المفاهيم وأصبحنا نعيش في أوضاع لا نعلم نهايتها! وهناك من يحاول تغيير الخطاب الديني بربطه وعلاقته بالمناهج ، ولكن من وجهة النظر أن المناهج ليست هي السبب ، ولكن العقول التي تأخذ المناهج وتحويرها حسب طريقتهم من غير المعمول بها ، فالمشكلة في الأشخاص وليس بالمنهج ، والمناهج السابقة (خرجت علماء) بارزين ولكنهم يملكون الرؤية الجيدة والثاقبة الواسعة ووصّلوا علمهم للمجتمع من دون أي تحوير! * اعلامي