يقدم مايك ماسي في أول مجموعة غنائية "يا زمان" 2011، إحدى عشرة أغنية، من بينها أغنية مستعادة "يا عاشقة الورد" من شعر إميل رفول وتلحين وأداء زكي ناصيف المسجلة على الأرجح في السبعينيات، وتتنوع عناوين الأغنيات "يا زمان، جزر ومد، لو فيي طير، صوتي هارب مني، خلصنا بقى، يا عمر لما نطرني، مين يللي قال، بيروت، ضايق فيي شباكي، غير لون عيونك". تضج في هذه الأغنيات حالات أدائية وموضوعاتية تكشف عن هاجس ينظر إلى العالم ببراءة لا تعادل السذاجة وإنما جرح الذكاء والتجربة، وشوق لا يعادل الشهوة وإنما دهشة الاكتشاف والإحساس. أفاد ماسي من تجربة العمل مع موسيقيين من العالم العربي والأوروبي، خاصة، حين عمل مع الموسيقي العراقي الأصل البلجيكي الجنسية أسامة عبدالرسول الذي سجل عمله هذا،وهو يتضح من خلال انسجام طرق التلحين والعزف والأداء غير التقليدية. ثمة قدرة بارعة في إدماج العناصر العربية اللبنانية سواء في إطار الغناء التعبيري أو الغناء الدرامي بالعناصر الثقافية الأوروبية بإيقاعاته وألوانه. يسيطر على معظم أغنيات المجموعة "لعبة التنافر" بأوجه عدة بين الموسيقى والموضوع، بين اللون والأداء. وهو الأمر الأول الذي يحسب لماسي انتماؤه إلى الأغنية المستقلة، تمثل ذلك حين ينطلق في أغنية"يا زمان" المرحة بينما تعبر عن الألم الذي يحمل عنوان المجموعة. يمنح إيقاع الفالس في أغنية"جزر ومد"(كلمات ولحن ماسي)صورة القلق والارتياب مع توظيف لأداء الكمان والكورال بالإضافة إلى خير حنجرته الممتد في صورة حركة الإيقاع بين الخطوة والصوت. ويستنفد طاقات صوتية من الرأس والصدر في أغنية" لو فيي طير" (كلمات مشتركة بين ماسي وإيفون الهاشم وتلحين ماسي) التي يعبر إيقاعها عن ارتجاف أجنحة ومقاومة القيود: "وصرخ بالجو العالي/ وانده غيمة مخباية/ وخلي الأفكار اللي ببالي تجنني وطير". وفي أغنية" صوتي هارب مني" التي شاركته فيها كتابة وغناء لبنى نعمان بينما لحنها ماسي، تعبر عن انفصام الصوت والروح موظفاً إيقاع الوحدة وآلة الناي، وهي حالة انشطار بين المؤنث والمذكر الذي يتوق الاتحاد. كأن الغناء هنا هو إعادة الأنواع إلى صورها الأولى. تثير أغنية" يا عمر لما نطرني" أزمة المسموع الطفولي حين يحاصر المؤلف الموسيقي فيما يكشف الأداء عن نضج مفارق لتلك اللحظة بين التذكر والحاضر. يلعب في هذه الأغنية على تنافرات الزمن والأداء والعزف بطريقة تسمح للتآلف بين الخطوط اللحنية لصف الكمانات والناي، وبين الصوت واللحن نفسه. بقدر ما تكشف كل موسيقى ذاكرة السمع عند المتلقي فهي أيضاً تتورط في وضعية الاشتباه بين موسيقي وآخر. هو ضغط المرجعيات على كل من المتلقي والموسيقي. أغنية "مين يللي قال" (كلمات وتلحين ماسي) بقدر ما تحيلنا مرجعياً إلى مناخ أغنيات زياد بطرس مع جوليا بطرس غير أن ماسي يتمكن في هذه الأغنية من فرض براعة التنقل النغمي بين المقامات "كلمات متل سكاكين.."من خلال الإحساس الصوتي لا التحويل المباشر الناتج عن تطريب أو "فجاجة التطريب" بل هي تمكن تام من مفاصل الأجناس المقامية حيث يتصل هنا بتجارب موسيقية غير مستهلكة عند المصري محمد القصبجي والكويتي غنام الديكان والمصري محمد ضياء.