إنها أطوع من اليد، وأسخى من حاتم، وأرق من ورق الورد وأقوى من عفريت ألف ليلة حين تخرجه من (القمقم) فيقول لك: (شبيك لبيك عبدك بين يديك!!) ويحقق لك ما تريد في غمضة عين! أحلام اليقظة تجمع كل تلك المزايا.. وأكثر.. فهي تبهر وتسحر!! تجعل القبيحة ملكة جمال العالم!! والفقير أكبر مليونير!! والضعيف أقوى إنسان على وجه الأرض!! والثمن زهيد!! بل هي بلا ثمن!! والأداة موجودة قريبة في كل قلب ورأس!! ألا وهي الخيال.. أحلام اليقظة ماؤها الأماني وزادها الخيال!! وأكثر ما تنتشر أحلام اليقظة وتنتشي في فترة المراهقة!! وهي فترة صاخبة جسدياً ونفسياً وعقلياً!! وأحلام اليقظة لها بمثابة صمام أمان!! فما يتعذر تحقيقه في الواقع سرعان ما يتم توفيره في الخيال!! ومن منا لم يستمتع بأحلام اليقظة ويسافر على جناحها أحلى أسفار؟!! بل ان بعضنا قد تسيطر عليه أحلام اليقظة - في مرحلة المراهقة خاصة - حتى تطغى على الواقع! فهو يعيش تلك الأحلام الجميلة أكثر مما يعيش الواقع التعيس!! وقد يصل الأمر إلى اختلاط الأمور!! وان بالغ المراهق استغراقاً في أحلام اليقظة ليل نهار فقد يحصل له اختلاط في العقل!! ولو بشكل مؤقت!! وقد يصنع له أهلاً غير أهله!! ووجهاً غير وجهه!! وواقعاً وردياً خلاباً أبهى من البهاء وأجمل من الجمال يعيشه كقصة طويلة متواصلة وكمسلسل لا ينتهي وإنما يرتقي استمتاعاً وقوة وجمالاً وثروة وتفاصيل قد تجعل ثغر صاحبها يبتسم وهو وحيد! ومما يشعل أحلام اليقظة عند المراهقين والمراهقات بالذات، قراءة القصص الرومانسية وتخيل أحداثها وأبطالها كأنما تراهم المراهقة رأي العين فقد تزيح بطلة القصة الجميلة وتصبح هي البطلة!! وطبعاً لا تكتفي بدور البطولة بل تضيفي عليها من ورود أحلام اليقظة ما يفوق العقل والمعقول!! ويعجز عنه الوصف والتعبير!! ولا بأس بأحلام اليقظة في كل الأعمار!! ولكن في حدود لا تضلل صاحبها ولا تحجبه عن الواقع ولا تمنعه من الكفاح!؟