هل استغرقت في أحلام اليقظة من قبل؟ إذن فذاكرتك نشيطة حيث تعمل تلك الأحلام على تغذية وتعزيز النشاط الدماغي، فالذاكرة النشيطة هي مساحة العمل العقلية التي تسمح للدماغ بالتلاعب بعدة أفكار في وقت واحد، وكلما كانت ذاكرة الشخص نشيطة زادت الأحلام، فالأفكار في كثير من الأحيان تعتمد على الذاكرة النشطة وتحاول تخصيص الموارد لمعالجة المشاكل الأكثر إلحاحاً. وفي دراسة أجراها معهد بلانك لعلوم الإدراك البشري والدماغ على مجموعة من طلاب جامعة ويسكونسن ماديسون وطُلب من مجموعة منهم تنفيذ مهام بسيطة لتعزيز نشاط الدماغ وسؤالهم إذا كانت عقولهم تنفذ مهامها أو أنها ناشطة، وعند انتهاء المهمة تم قياس قدرة نشاط الذاكرة عند المشاركين وبالرغم من أداء كافة المشاركين الجيد إلا أن الأفراد الذين تمتعوا بعقول أكثر نشاطاً من غيرهم سجلوا أعلى نتيجة في اختبار الذاكرة الناشطة. وقد ربط العلماء بين أحلام اليقظة والإبداع، حيث يصل الإبداع والابتكار إلى أعلى درجاته عندما يكون الشخص في أحلام اليقظة. وبالإضافة إلى تنشيط النشاط الدماغي فإن تلك الأحلام تساهم في حل المشاكل التي يتعرض لها الفرد والتنفيس عن الطاقة الوجدانية والتعويض المؤقت عن الاحتياجات الناقصة، وهي تعمل على الاسترخاء والتأمل والتحفيز الذاتي والتخطيط للمستقبل عندما تعيش أهدافك التي تسعى إلى إنجازها بكل تفاصيلها، كأن تتخيل أداءك وأنت تقدّم عرضاً هاماً. ولكن متى تشكّل تلك الأحلام مشكلة عند الشباب؟ إن المؤشر الأساسي لوجود مشكلة هو عندما تعيق أحلام اليقظة الشخص عن القيام بمهامه الأساسية في الحياة، فحلم الشاب الذي يعيقه عن الاختلاط بزملائه والانطواء بعيداً عن مجتمعه يشير إلى وجود مشكلة، وهؤلاء غالباً لا يتسببون في وجود مشاكل حولهم، وهذا ما قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة، فعادة ما تكون الشكوى من الفوضويين وكثيري الحركة، أما غير المتفاعلين لا تكون هناك شكوى منهم. ويتم اللجوء إلى تلك الأحلام رغبةً في واقع غير الذي يتواجد فيه الشخص، إما لأن الواقع الذي يعيشه ممل أو لأنه يستطيع من خلال التخيل أن يحقق ما لا يتمكن من تحقيقه في الواقع، فهو عندما يدرك أن واقعه صعباً يلجأ إلى الأحلام التي تكون أكثر إشباعاً له من الواقع لأن الأماني يتم تحقيقها من خلال الخيال، وبالتالي يعطي شعوراً قوياً بالرضا مقارنة بالنشاطات الأخرى المملة وهي أيضاً أكثر سهولة من حل المشكلات الاجتماعية. وحين تستحوذ الأحلام والخيالات على الشباب فهي تقلل من اهتمامهم بالتكيف مع الواقع المحيط بهم لأنه مشبع بأفكاره الخاصة ويمضي وقتاً أطول في عالمه الخاص. لذلك من المهم الفصل بين أحلامك التي تجعلك مبدعاً مبتكراً وبين تلك التي تعزلك عن محيطك وتنهي حياتك بمن حولك. وحتى لا تكون أحلام اليقظة عقبة في حياتك عليك بترشيدها وليس القضاء عليها ويكون ذلك عن طريق عدة أشياء أهمها: - تخصيص وقت محدد لإنجاز أعمالك فقبل البدء في القيام بمهمة معينة حدد وقتاً لإنجازها فسوف يساعدك ذلك على التركيز. - خذ قسطاً من الراحة، فربما يكون السبب وراء الأحلام العمل لفترة طويلة متواصلة ويريد العقل لبعض الراحة والابتعاد عن ما بين يديك من عمل. - احرص على كسر الروتين في حياتك، فالتجديد يدفع الملل بعيداً عن حياتك وينعش العقل ويجدد الاهتمامات. - اصنع بيئة عمل تساعدك على التركيز حتى تقلل العوامل التي تدفعك إلى الاستغراق في الأحلام، وعادة ما تكون تلك البيئة منظمة، أي أن عليك الاحتفاظ فقط بما تحتاجه في عملك وماعدا ذلك قم بإبعاده عن نظرك مع الحرص على وضع الأدوات بطريقة مرتبة. - اعمل على تحويل حلمك إلى حقيقة من خلال تحديد خطوات محددة لأهدافك وتنفيذها وبذلك تكون قد حقت الحياة التي كنت تحلم بها ولا يكون هناك داع إلى الهروب من الواقع الذي تعيشه ويؤلمك. - حاول أن تكون في غالبية الوقت مع الأصدقاء والعائلة ولا تجلس وحيداً فترات طويلة وقم بنشاطات اجتماعية كالانضمام إلى الجمعيات الخيرة.- عبّر عن نفسك سواء عن طريق وجود أشخاص في حياتك تتحدث معهم بحرية أو من خلال كتابة ما يجول بخاطرك على أن تكون صادقاً مع نفسك فذلك سوف يوضح الأمور بالنسبة إليك ويساعدك على اتخاذ القرارات السليمة.