وقف رئيس حزب الكتائب اللبنانية سمير جعجع بعد اغتيال الأمن للموسم السياحي ليطرح سؤالا على رؤساء أحزاب الطوائف وأفراد الشعب اللبناني يقول فيه: ما هي الصورة الذهنية التي ارتسمت لديكم عن عمليات الخطف في لبنان؟ طبعا هذا السؤال ليس المقصود منه استنطاق الآخر بالجواب وإنما هو سؤال تقريري يحكي فيه عن واقع الأمن في لبنان وأن الدولة تنهار في دقائق عن طريق قطع الطريق إلى المطار. فمجرد خروج مجموعة محدودة لتمارس عملية خطف لبنان من خلال قطع طريق المطار أو الإعلان في مؤتمر صحفي يجعل الكل يسأل هل هي المرة الأولى التي تقوم مثل هذه الممارسة؟ وإن لم تكن كذلك فماذا تم حيالها على الأقل خلال عقد من الزمن؟ والأهم لدي إعلاميا هو أين أبناء لبنان خبراء الإعلام والإعلان في عالمنا العربي عن هذا الوضع؟ وما هو دورهم في رسم أو تحسين الصورة الذهنية لدى الداخل اللبناني ولدى الخارج من السياح الخليجيين والدوليين عن بلدهم؟ أعتقد أن تكرار مشهد خطف لبنان يكشف عن الواقع الهش لسيادة القانون في هذا البلد الجميل. أحد اللبنانيين يقول لو كان لبنان هو شركة مساهمة لكل مواطن في سهم إجباري من الولادة لكان أفضل من أن يكون له سهم وهمي في الطائفة ويدفع ثمن الانتماء الطائفي ولا يستفيد منه. انه موسم التعافي اللبناني من صداع التدخل السوري منذ أكثر من أربعة عقود مضت. ولكي يتعافى هذا الجسم لابد من ألم طرد السموم ولتكن بالخطف المستمر "فالحسن يُظهر حسنه الضد". هذا خبير يريد لبنان أن يتعافى في مقابل خوابير تريد لبنان أن يستمر في مسلسل التشرذم الطائفي. هذا البلد الجميل بأهله وأرضه أصبح يعطي انطباعا ذهنيا عن الاثنين وهو غير صحيح. ولذا عندما طرحت في العنوان مفردة الخبراء من أبناء لبنان تكتشف معها أن هؤلاء هم ضحايا "الغربة الطائفية" وفي الخارج. من تجربة شخصية ومع أصدقاء وأحبة من كل طوائف لبنان لم أكن اعرف من بعض "الأسماء البيضاء" الانتماء الطائفي لكل فرد منهم ولكنهم كلبنانيين يعرفون ذلك ويتجاوزونه في بعض الأحيان خارج الوطن وليس داخله. فطالما ثقافيا الناس تريد أسماء بيضاء بعيدا عن الطائفية نجد أن ثقافة الإعلام الجديد تعيدهم إلى مربع الأسماء الطائفية. حتى الإعلام اللبناني وفي الشق الترفيهي وليس الإخباري نجد أن هناك بعض التكريس للطائفية وهو تكريس يفقد الهدف من أن الترفيه إنساني وليس طائفي التلقي. وفي كل هذه الحيرة في مزالق الصورة الذهنية الطائفية اللبنانية التي رسمها جعجع برز الجواب من خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر االله والذي يؤكد فيه عن عمليات الخطف وظهور أجنحة عسكرية لعائلات مسلحة هو دليل على أن "الوضع خارج السيطرة"، فيرد جعجع على هذا القول وكأن الجيش الصيني يجوب شوارع بيروت فيصعب التحكم فيه. موسم السياحة اختطف وموسم العيد كذلك في مسلسل تفاصيل خطف لبنان من يد أبنائه. والحل هو الهجرة الدائمة أو المهنية وأحيانا لمن لا يستطيع هناك هجرة رقمية من أجواء الطائفية في الداخل والانتماء مع بقية المهاجرين في غربة عن الوطن. يقول احد الحكماء "إن السفر يسفر عن معادن الناس" ولذلك فغربة اللبنانيين ستسفر عن المعدن الطائفي أو التوافقي لهم، متمنيا أن يكون هم للتوافق اقرب. ولكن يعود زميلي اللبناني لتنبيهي فيقول: يا أخي تحول الكون الكبير إلى قرية الكونية ونحن مازلنا فيه "ضيعة طائفية"، فنحن لا نشكل فيه سوى حي صغير وبمنازل متجاورة ولكن بفكر طائفي قد يقبل التعايش ان حافظنا على شراكتنا في لبنان. ولذا أصبح لبنان بكامله هو بيتي في هذه القرية الكونية، إما أن اسكنه براحة بال أو أن أبيعه برخص التراب كما قال ذلك احد الشعراء: يلومونني إن بعت بالرخص منزلي ولم يعرفوا جارًا هناك يُنغّصُ فقلت لهم: كُفّوا الملام فإنها بجيرانها تغلو الديار وترخص جعجع يسخر من هذا الوضع بسب أن الطائفية في لبنان دخلت مرحلة الشكل الجديدnew look.