بعد ألمانيا التي أجازت إحدى محاكمها إعادة نشر الصور المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، جاءت السويد لتعطي دروساً في نظم الحكومات وتعريض المملكة لحملة مرتبة سلفاً وبروح عرقية تماثل بروز النازيين الجدد في ألمانيا، ولا نعرف الغاية من هذا الهجوم بينما لم تتعرض لأي نقد أو هجوم من قبل المملكة، والسويد رغم تمتعها بنظام ديموقراطي وازدهار اقتصادي، لا نجد لها مواقف مؤثرة في أزمات منطقتنا، أو نقد ممارسات إسرائيل التي لا تجرؤ أي جهة أوروبية على توجيه أي لوم على ممارساتها. والمحير في هذه الأمور أن كل بلد أوروبي يريد أن يكون النموذج السياسي والاجتماعي لغيره دون مراعاة للفروق الدينية والتقاليد والأعراف، وحتى البيئة التي شكلت تلك المجتمعات، والتي لا يمكن أن تتطابق مع الغرب الذي يبيح الزواج بين الجنس الواحد ذكر مع ذكر، وأنثى مع أنثى، وهو الذي لا نجده جائزاً في مملكة الحيوان، ونحن هنا لا نركز على النموذج السلبي بالغرب، فله انجازات عظمى لا يمكن التغافل عن تأثيرها في الحضارة الكونية الراهنة.. السويد لم تقفز على التاريخ، وتتجاوز حياتها البدائية بين يوم وليلة، فقد مرت بعصر همجي، فديني، فديموقراطي، ولم تتعرض لما حدث في المنطقة العربية من مآسٍ وحروب استهدفتها باعتبارها مركز الديانات ومنبت الحضارات القديمة، وهي الآن تمر برحلة التطوير والتقدم، ونذكر السويديين أن ما تقدمه المملكة للعالم الفقير من معونات مادية وغذائية ودعم للتعليم، والقضاء على الأوبئة وغيرها، يفوق ما تقدمه السويد البلد الأغنى في أوروبا، وهي التي ظلت بعيدة عن أي عطاء واضح، ولا نرى لها دوراً يؤكد حجمها في التأثير في مسار السياسة العالمية، أو انجازات تساوي ما تقوم به وتقدمه كوريا الجنوبية مثلاً.. الدبلوماسية الواقعية تدار على مفهوم المصالح، لا الدخول في شؤون الغير ونحن والسويد لدينا علاقات وصلات اقتصادية ودبلوماسية، ومراعاة هذه المصالح لابد أن تقوم على الاحترام المتبادل، لأن لكل بلد كرامته، وإذا كنا بدأنا ولم ننته في عدم الدخول باشكالات الدول وشؤونها، فمن باب اللياقة السياسية أن نبقي العلاقة قائمة على قيم ثابتة.. وإذا كانت دساتير الغرب تعطي الحرية في كل شيء، فهذا شأن يخصها، لكن لا تتحول هذه الحرية إلى إهانة لموروثنا الديني والثقافي والأخلاقي، وإلا أصبحت هذه الحرية قانوناً يفرض على الآخر، والسويد جزء من عالم كبير له قوانينه التي لا يرضى أن يتدخل بها أحد.. نحن نحترم شعب السويد، ولا نراه عدواً، ونجد فيه نموذجاً راقياً، ونرحب بالخلاف وفق أسس موضوعية، أسوة بعلاقاتنا مع الدول الأخرى التي بقيت محوراً للحوار والتفاهم، ولا نجد مصلحة لأي طرف للهجوم غير المبرر على بلد يملك قراره وحريته، ولا يحتاج إلى دروس أو عظات من أحد، والحكم على رضاك وغضبك من أي نظام لا يعطي لأحد حق الاتهام مهما كانت الأسباب..