قرأتُ في عدد الخميس من "الرياض الاقتصادي" دعوة الزميل عبدالله الجعيثن في زاويته "بعد التداول" لتعريب واستعمال المصطلحات الاقتصادية العربية في المال والأعمال، وهي دعوة خير وإيماءة محبة وسِمة غيرة على لغة الضاد في منشئها ومهدها. منشؤها ومهدها نعم - قصدي اللغة العربية. إلا أن توارث العلاقات التجارية مدة عصور بين إيطاليا ودول الشرق العربي فتح شيوع كلمات إيطالية، وأكثرها تتعلق بالتجارة والأوراق الملية (الكمبيالة على سبيل المثال عربناها من أصلها الإيطالي) – cambial. وهي صك محرر يتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه (عادة يكون المصرف) بأن يدفع مبلغا معينا إلى المستفيد. والكمبيالة قابلة للتداول عن طريق التظهير أو المناولة والتسليم.. والإنجليز لم يمنحونا تلك المفردة فهي عندهم - Promissory note - وما ذلك إلا لأن تجارة شرقنا العربي مع إيطاليا أكثر بكثير منها مع الإنجليز والفرنسيين. وبذل العراق جهدا وحماسا أثناء الاستعمار البريطاني وبعده لجعل المصطلحات التجارية ولافتات المحلات تحمل الأسماء العربية. لكون التجارة تهم العامة والخاصة بعكس المصطلحات الفنية والطبية والعلمية التي لا يحتاجها إلا قطاع معيّن من أهل البلد. فهم الذين جاؤوا بكلمة (الصك) بدل الشيك. والباحث في المكتبة العراقية سيجد أسفارا من المعاجم الاقتصادية التي عرّب العراقيون فيها مصطلحات مصرفية كثيرة. لذا لسنا بحاجة على التعريب لأننا لا نفتقر إليه فهو عندنا. في العراق. وعلينا فقط تبويبه حسب حاجتنا وتطبيقه في الكليات والمعاهد المصرفية. ثم إنني لا أتفق مع القائلين إن اللغة العربية مُحاربه. لماذا؟ وبواسطة من؟. كأنني أرى أن اللغة الإنجليزية اقتحمت حياتنا العملية (المصرفية بالذات) وجعلت مُتقنها ذا ميزة على غيرة، وهذا ليس من صنع أحد غيرنا. أنهي بالقول؛ ان اللغة العربية محفوظة بقرآنها، لا ماتت ولا متنا. فهي الأدب والشعر والمعاجم وطه حسين والعقاد والمازني وإيليا ابو ماضي وجورج صيدح وجبران وبدوي الجبل والشاعر القروي وسليمان العيسى (من سوريا) ونزار والسياب والملائكة. وأبو ريشة وعبدالرزاق عبدالواحد.