شاعت في الفترة الأخيرة قصص ووقائع كثيرة عن ظاهرة المبالغات في طلب الديات مقابل العفو عن القصاص، حتى أصبحت ظاهرة تجارية ومساومة في النفس والدم، ولله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم (ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون)، وقال سبحانه (فمن عفا وأصلح فأجره على الله). إن ما يحدث الآن من تنافس ومبالغة واستعراض بطلب الملايين مقابل العفو، يعتبر تشويها لصورة الاسلام السمحة وصفات المسلم، وإرهاق لأسر المعفى عنهم، واشاعة للمساومة والمزايدة بدم المسلم، وممارسات سلبية في حق النفس البشرية التي كفلها الشرع الاسلامي الحنيف، قد تؤدي هذه المبالغات الى إهدار حدود الله وشيوع التجارة بالدم والنفس، والجرأة في القتل وارتكاب الجرائم. لقد صدر أمر سام بتاريخ 2/10/1432ه بعدما شاعت هذه الظاهرة بالموافقة على قرار المحكمة العليا بتعديل وتحديد مقادير الديات،حيث حُددت دية القتل العمد وشبه العمد ب400 ألف ريال،والقتل الخطأ ب 300 الف ريال، ثم صدر توجيه من خادم الحرمين الشريفين بعد ذلك بتحديد الديات مقابل التنازل عن القصاص بما لا يتجاوز 500 الف ريال، وهو يتفق مع الحكم الشرعي الذي قيد الدية للقتيل سواء عمداً أو خطأ حسب أحكام الشرع، فما الذي يحدث الان ؟ إن الذي يحدث هو مخالف لما تم تحديده والاتفاق عليه، وأصبح مقابل التنازل بالملايين من الريالات، وكأن النفس البشرية أصبحت سلعة تجارية تُفتح لها الحسابات البنكية والمساهمات وفزعات القبائل ورجال الأعمال وتتداول مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات للتفاعل مع هذه القضايا والظواهر التي يتضرر منها أهل المعفى عنه، والمجتمع بأسره، لنتبع قول الله سبحانه (فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء اليه بإحسان). نحن بحاجة الى اعادة نظر في هذه القضية ومنع أية مبالغات أو حملات لجمع التبرعات بهذا الاسلوب، فلو وزعت هذه الأموال على الفقراء والمساكين أو حتى لو تم الاستفادة منها لقضاء ديون المعسرين، لكان أفضل مما هو عليه الآن من ظاهرة يطلق عليها وللأسف الشديد تجارة ومزاد الدماء .