من أهم الملفات الحقوقية الشائكة التي تكتظ بها المحاكم قضايا الأحوال الشخصية (الطلاق، الخلع، النفقة، الحضانة) ولكل منها دائرة اختصاص شرعي وسلسلة طويلة من الإجراءات والمراجعات تجعل الحليم حيران، وبعد صدور الأحكام القضائية يدخل ذلك الحليم في دوائر متشابكة مع الجهات التنفيذية حتى يفقد الحليم حلمة من طول الوقت والمماطلة والروتين الممل حتى يحصل على حقه في تنفيذ الاحكام. قضايا الخلع من القضايا التي نشطت في السنوات الأخيرة لدى النساء المقهورات أو المعنفات اللاتي يفتدين أنفسهن برد المهر للحصول على الطلاق، وإذا كان خلع المرأة لزوجها مؤلما فهو في النهاية اسمه طلاق وانهيار أسرة وتشتت أبناء مع القيمة المضافة (رد كامل المهر) لدرجة انهن اصبحن يتسولن مهورهن والبحث عمن يساعدهن في دفع المهر، كما هو حال المواطنة من تبوك التي نشرت حالتها قبل أيام ناشدت فيها أهل الخير مساعدتها وإنهاء معاناتها مع طليقها الذي يطالبها برد المهر 40 ألف ريال، المواطنة تقول انها عانت ويلات الظلم وتحمل العنف طوال 10 سنوات وانها تدعو المحسنين لفك معاناتها، وبالرغم من مرارة شكواها إلا أنها حالة من آلاف الحالات التي تنتظر الخلاص. في قضايا الخلع يستند القضاة في الحكم على حديث (امرأة ثابت بن قيس يوم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: إني لا أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني لا أطيقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فتردين عليه حديقته، قالت نعم).. (صحيح البخاري)، والأصل في الخلع أن تدفع المرأة المهر الذي دفع لها في عقد النكاح ولا تزيد عليه. لذا نرى أن جميع قضايا الخلع تنتهي برد المرأة كامل المهر للزوج، فهل جميع حدائق الرجال سواء؟ زوجة ثابت بن قيس في حديثها مع الرسول صلى الله عليه وسلم بادرت في مدح زوجها قبل أن تطلب فراقه فقالت بأنها لا تعيب فيه دينا ولا خلقا ولكنها لا تحبه فمن الطبيعي أن ترد عليه حديقته، ولكن هل الزوجة التي تعيب دين وخلق زوجها يجب عليها أن ترد كامل حديقته؟ وهل جميع قضايا الخلع المرفوعة من قبل الزوجات على أزواجهم تنتهي برد ( كامل المهر)؟ وهل اسباب خلع النساء لأزواجهن سواء؟ فهل من تدعي ضعف دينه وسوء خلقة وعشرته والامتناع عن النفقة عليها وعلى ابنائها وتعرضها للعنف او اصابته بمرض نفسي او ادمان زوجها للمخدرات او الرذيلة هل يستويان؟! هل من عاشت مع زوجها شهورا ولم تنجب، وبين من عاشت سنوات وأنجبت الأبناء لماذا المساواة في الحكم على جميع النساء برد كامل المهر؟ لماذا لا يؤخذ بعين الاعتبار سنوات الضرر الواقع على الزوجة لتكون معيارا لتحديد ارجاع كامل المهر أو جزء منه؟، ونستغرب من لجان الصلح في المحاكم لماذا لا تدرس قضايا الطلاق والخلع والبحث عن المسببات والدوافع لرفع مرئياتهم الى القضاة قبل الجلسة وإصدار الحكم؟ لماذا لا يتقصى عن حالات الزوجات ومعرفة اوضاعهن المادية بعد انفصالهن ومساعدتهن في تجاوز رد المهر وإحالتهن تلقائياً بالتنسيق مع الجهات الخيرية او وزارة الشؤون الاجتماعية في دفع المهر حفظاً لكرامتهن وإبعادهن عن التسول.