يقول التاريخ إن ميسون الكلبية زوجة معاوية بن أبي سفيان وأم يزيد لما قالت في شعرها: وخرق من بني عمي نحيف....أحب إلي من علج عنوف أي تمنت لو تزوجت رجلا عاديا بدل زوجها الفظ، فما أن بلغه شعرها حتى وبدون لوم ولا انتقام طلقها ووهبها كل ما في القصر لترجع به معززة مكرمة في موكب إلى أهلها. لو حصل ذات الموقف لزوج معاصر ماذا ستكون ردة فعله؟ هل سيتعامل بمثل هذه المروءة والنخوة مع طليقته؟، أم سيحلف أنه سيجرجرها في المحاكم و «ويبهدلها» ويجعلها تندم؟! فقديما كانت هناك مروءة وشهامة ونبل عفوي في تعامل الرجل مع المرأة، بينما حاليا يكفي الاطلاع على الصحف وقضايا المحاكم لندرك أن تلك المروءة والنبل فقدت بدرجة صادمة لدى نسبة مؤسفة من الرجال، كما يبدو ذلك واضحا في قضايا الخلع التي تمثل 20 في المائة من قضايا الطلاق في المحاكم السعودية. وفي مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي يعد الطلاق ناهيك عن الخلع وصمة صعبة لأبعد الحدود على المرأة، ولهذا فالزوجة لا تلجأ للخلع إلا في حالات قاهرة، وغالب أسباب الخلع تعود لسوء سلوك الزوج وانحرافه وإدمانه وعدم قيامه بواجباته وكل الأسباب المقنعة التي تستوجب الطلاق للضرر، لكن للأسف الزوج يتعنت والقاضي غير متعاطف مع المرأة ومعاناتها، ولهذا تضطر للخلع. روى ابن ماجة في خلع زوجة ثابت بن قيس أنها أتت للنبي عليه الصلاة والسلام وقالت إنها لا تعيب على زوجها خلقا ولا دينا لكنها تبغضه، فقال لها: (أتردين عليه حديقته؟ المهر الذي أعطاه لها قالت: نعم. فأمره النبي أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد). فالأصل رد المهر بعينه ويمكن للزوج عدم المطالبة بكامل المهر، لكن حاليا تحول مبدأ رد المهر لمبدأ تعنت يظهر فيه سقوط المروءة وانعدام النبل وشهامة الرجولة وأنفتها، فعلى مرأى ومسمع القضاة تتحول قضايا الخلع إلى قضايا ابتزاز للزوجة، حيث يطالب الزوج بمبلغ أكثر بكثير من مبلغ المهر ويفوق طاقة الزوجة على سداده ولهذا تضطر الزوجة لتسول المبلغ أو اقتراضه، وعندما تعجز عن سداده لزوجها تودع في السجن!. بينما يفترض من مجرد مبدأ أن زوجة كرهت متابعة الحياة مع زوجها أن يثير نخوة الزوج ليطلقها بنبل، لكنه يتعنت ليضطرها للخلع والتنازل عن حقوقها ودفع ثمن باهظ له للتخلص منه!. وهناك من الرجال من اتخذها حرفة، ماذا تخبرنا عن السجية الجماعية لمجتمعنا، حقيقة أن هناك نساء يسجن لأنهن عانين مع زوج فاسد أو مسيء واستحالت العشرة معه وتعنت في تطليقها وأمام القاضي ابتزها بمبلغ أكبر من طاقتها كثمن لتطليقها، ولما لم تتمكن من تسديده وقع عليها الظلم المضاعف بسجنها؟. وكيف تقبل رجولته بأن يأكل مالا حصله من ابتزاز أم أولاده إلى السجن؟! أي مستقبل بقي لها.. هل سيرغب رجل في الزواج من مطلقة كانت سجينة؟.. ألا يجعلها هذا عرضة للانحرافات؟.. (وأخذنا منكم ميثاقا غليظا). قال المفسرون: هو الميثاق الذي أخذه الله على الرجال في قوله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة